-
-
فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي وَمِنْ أَجْلِ الإِنْجِيلِ فَهُوَ يُخَلِّصُهَا. (مرقس35:8)
تلقَّى بطرسُ أعظمَ اعلانٍ الهيٍّ عن يسوع، ولكن بسببِ حقيقةِ أنّه لم يفهم السّبب الذي جعلَ الربُّ يقبل الألم من أيدي النّاس، ولم يكن حريصاً في انتظار الارشاد الإلهيِّ لهذا الأمر، اِنتفخَ وبدأ يوبِّخ يسوع. حتى انتهى بهِ الأمرُ لينال التوبيخ من الربِّ. وهذا يعلِّمنا درسًا لئلَّا نَتَّخذ قراراتٍ استنادًا إلى ما نعتبره مناسباً أبدًا، ولكن بدلاً من ذلك، يجب أن نصلي كي يكشفَ الربُّ إرادته لنا في هذه المسألة..
بمجرَّد عودة بطرس إلى مكانتهِ الصَّحيحة، استرعى سيدنا انتباه الحشدِ إليه، ثم قالَ إنه بجب على الإنسان الذي يتبعه أن ينكرَ نفسَه، ويحملَ صليبَه ويتبعه. لا أعلم إذا كان هذا التلميذُ قد تصرَّف هكذا لأنّه اِعتبرَ نفسَه عظيماً بسبب الوحي الذي تلقّاه عن المسيحِ، ولكن هذا وُضعَ لنا كمثالٍ: عندما تعتبرُ لنفسِك قيمةٍ معيّنةٍ، عليك إنكار ذاتِك.
وسَّع يسوعُ تعليمهُ بالقولِ إنَّ الذين يريدون خلاصَ حياتِهم يجب ألّا يكون قلبهم على ثراءِ هذا العالم. أو في راحةِ الحياة العصريّة وغيرِها من وسائلِ الرَّاحة، لأنّهم إذا فعلوا ذلك سيفقدون حياتَهم. وإذا فاتتهم الفرصُ التي تصلُ إليهم هنا على الأرضِ بسببِ دعوتهِم الإلهية، فإنّهم سيربحون حياتَهم. اِمتحنْ نوايا الربّ لك بشأن مهامٍ محدَّدة وضعَ يدكَ عليها؛ وإلَّا فإنك سترتكبُ الكثيرَ من الأخطاءِ.
لقد قالَ إنّ الذين خَسِروا كلَّ شيءٍ من أجله ومن أجلِ الإنجيِل سيجدون حياتَهم. فماذا تفعل بالدّعوة التي أعطاك إيَّاها الربُّ؟ هل تمنعك أسرتك من الذَّهاب إلى حيثُ يريدك أن تكون؟ هل تفكّر في أن تصبح ثريّاً، بتلك الملذّات التي يمكن أن توفّرها لك حياة مزدهرة أو حتى من أشياءٍ خاطئة؟ اِحترسْ! من الأفضلِ أن تخسرَ كلَّ شيءٍ من أجلِ المسيح ومن أجلِ الإنجيل.
كم من النّاس يقومون بعملِ الله الآن؛ ومع ذلك يكرِّسون شبابَهم وقوّتهم ومواهبَهم لجمعِ الثّروات واِقتناء المكانةِ والشّرف؟ أولئك الذين يُدعَون إلى خدمةِ ملكوتِ السَّماوات هم في الواقعِ أشخاصٌ متميِّزون باعتبارِ أنّهم سيُصبحون خداماً لله هنا، وفي الأبدية لن يتوقفوا عن كونِهم كذلك. ما هو الهدفُ من إهمالِ الثّروة العظيمة التي سوفَ تستمرُّ إلى الأبدِ! لتبحثَ عن تلك الزائفة والتي لا يمكن أن تجلبَ لك الرَّاحة على الإطلاق؟
لا تسمح لأيِّ شيءٍ أن يسرقَ سعادتك الأبدية لأنَّ هذا العالم يمضي بسرعةٍ، ولكن من يفعل إرادة أبينا يثبتُ إلى الأبد. والذين يخدمون الله يجب ألَّا يسمحوا أبدًا أن يُخدعوا بمباهجِ الدُّنيا؛ الآن كما قالَ سبورجون: على الرُّغم أنَّ المسيحيّ قد يُصبح ملكًا أو رئيساً للولايات المتّحدة، لكنّه مايزال في مكانةٍ روحيَّة ضئيلةٍ. بالنِّهاية هو خادمُ ليسوع المسيح، ملكُ الملوك.
يصبحُ الحكماءُ أعظم المستثمرين في العالم إذا استثمروا شبابَهم وعقلَهم وكلَّ قدراتهم لتحقيقِ إرادة ربِّنا خالقِ كلِّ الأشياء. ممَّا لا شكَّ فيه أنَّ المكافأة ستكون عظيمة.
محبتي لكم في المسيح
د.سوارز