-
-
"فَالْتَفَتَ يَهُوذَا وَإِذَا الْحَرْبُ عَلَيْهِمْ مِنْ قُدَّامٍ وَمِنْ خَلْفٍ. فَصَرَخُوا إِلَى الرَّبِّ، وَبَوَّقَ الْكَهَنَةُ بِالأَبْوَاقِ." (2 أخبار الأيام 14:13)
لسنا نعلم ما الذي دفعَ ملك يهوذا لإعلان حربٍ شديدة على إسرائيل. فقد كان عدد جنود جيش الأخير أكبر جداً من عدد جنود جيشه. هذا وإنَّ مملكة الشمال التي كان يحكمها يربعام سبقت الأمة بعد رحيل داود، فكان لديها 800 ألف رجلٍ، وجميعهم من المحاربين الشجعان. لقد انطلق أبيَّا ملك يهوذا وحفيد سليمان لمواجهة قوَّات جيش يربعام الذي كان ضعف حجم جيشه.
لكنَّ أبيَّا أثبت أنَّه خادمٌ حقيقيٌّ للربِّ قبل شنِّ الحرب، محاولاً إقناع يربعام بحوارٍ حماسيٍّ جداً أن يحترم كلمة الله وأن يردَّه إلى رشده، لكن كان ذاك الأمر عبثاً. ويشير هذا إلى أنَّ الناس المستعبدين من الخطية يملكون فكرةً خاطئة تنصُّ على أنَّهم سينتصروا دائماً بسبب ظنِّهم بأنَّهم مزوَّدون بقوَّة فريدة من نوعها. فليس من السهل جعل الخطاة الذين اعتادوا على السير في الطريق الخاطئ أن يذعنوا "للحقِّ".
لقد قسَّم يربعام مملكة رحبعام عندما كان شاباً متردَّداً، إلا أنَّ ابنه أبيَّا ملك عوضاً عنه، الابن الذي كان مختلفاً كلياً عن أبيه، ساعياً ليُري يربعام غنى كلمة الربِّ. ربَّما كان سيتوب وثمَّ يتمُّ تجنُّب الحرب بين المملكتين، لكن كان هذا الأمر بلا جدوى في النهاية. لقد بدا ملك الشمال أكثر حكمةً من ملك الجنوب، لكن سرعان ما بدا العكس، بالنظر إلى أنَّ أبيَّا عرف كيف يصرخ إلى القدير ليسمع له.
إنَّ ثقة يربعام المهزوزة جعلته يضع ثقته في مخطَّطاته بدلاً من الاتكال على كلمة الله، فكان واثقاً من قدرته على هزم شعب الله معتبراً نفسه شخصاً لا يُقهَر، لكن في الحقيقة إنَّ الخطط البشريَّة لا تنجح دوماً. من جهةٍ أخرى، في كلِّ وقت يقطع الربُّ به وعداً سيتحقَّق بالتأكيد؛ بشرط أن نتمسَّك به بإيمانٍ. وهكذا رأى يربعام المتعجرف عمل يد العليِّ ضدَّ خططه.
أدرك بنو يهوذا في المعركة أنَّهم كانوا في مأزقٍ حقيقيٍّ، لذلك صرخوا إلى الربِّ ثمَّ بوَّق الكهنة بالأبواق، صارخين رجالاً ونساءً لمعونةٍ سماويَّة. لذلك إنَّ ما حصل لاحقاً كان هائلاً بالنسبة ليهوذا ومريباً جداً بالنسبة لمملكة الشمال، بالنظر إلى أنَّ الله ذهب إلى الحرب لأجل أبيَّا وشعبه، وبعدئذٍ انتهى الأمر بيربعام وجنوده قتلى أمام أعين بني يهوذا.
إنَّ العليَّ يسمع في كلِّ حين لصراخ شعبه عندما يطلب معونته، وإنْ كان السبب مقنعاً فسيستجيب لهم؛ أي للذين يحبُّونه بالحقِّ. لقد سبَّب الله بنفسه الأذى لجنود المملكة الشماليَّة، فسقط رجال إسرائيل الشجعان أمام رجال يهوذا. بالحقيقة لقد كانت تلك المعركة هادفة جداً حيث قاتل فيها شعبان شقيقان ضدَّ بعضهما البعض بقوَّة، لكنَّ الذين خرجوا منها منتصرين كانوا قد حصلوا على معونة القدير، على الرغم من أنَّ عدد قوَّات الجيش الآخر كان ضعف عددهم.
لقد سقط نحو 500 ألف رجل من رجال إسرائيل في تلك المعركة. إنَّ الدرس الذي نتعلَّمه هنا هو أنَّ الذين تمَّ تحذيرهم إلا أنَّهم ظلوا مصرِّين على التمسك بإثمهم، فسوف يسبِّبون الأذى والسقوط لأنفسهم. إذاً عليك أن تتذكَّر أنَّ الحكمة فضيلةٌ يمنحها الربُّ لطائعيه فقط.
محبَّتي لكم في المسيح
د. ر. ر. سوارز