"أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا." (فيلبي 8:4)

نحنُ مسؤولون عن الأمورِ التي نفتكرُ بِها، لذلك علينا ألَّا نراعي الأفكارَ التي تُبعدنا عن اللهِ. لقد عدَّد الرسولُ بولس بعضَ النقاطِ أثناء كتابته إلى أهل فيلبي، أمورٌ يجب أن نلاحظَها أيضاً، وبالتأكيد ستجعل منَّا أناساً أفضل شريطة أن نتَّبع التوجيه الصحيح. فعندما يغيِّر اللهُ حياتنا بإمكاننا أن نختبرَ بإذهانِنا مشيئةَ الله الصَّالحة والمرضيَّة والكاملة (رومية 2:12) المشيئة التي تقودنا إلى حياةٍ سعيدةٍ ومزدهرةٍ.

لذلك يجب ألَّا تراعي أيَّة أفكارٍ خاطئةٍ. والآن الأفكارُ التي تأتي من كلمةِ الربِّ والمدعومة منها حقيقيَّةٌ، ولهذا السَّبب عليك أن تبتعدَ عن كلِّ الأفكار التي لا تأتي من العليِّ والتي تبعدنا عن الحقِّ وبالتَّأكيد تقوم بخداعنا، وبالتالي يجب ألَّا تعتبرها مستحقة المدحِ فلا تبقيها في ذهنكِ وانتهرها فقط! وعلى الرَّغم من أنَّها قد تبدو مناسبةً لكن ليس لها أساسٌ كتابيٌّ، وبالتالي ستسبِّب لك ضرراً كبيراً.

هذا وكلُّ ما يأتي من الله عادلٌ، لذلك أنَّ كلَّ ما لا يأتي منه فهو من إبليس. لأنَّ كلَّ الأمور الصَّادرة عن المجال الماديّ أو الروحيّ تملك مصادرها؛ إن كانت في "النّور" أو في الظلمة. ذلك أنَّه لا يصدر شرٌّ عن أبينا السماوي لأنَّه نورٌ (1 يوحنا 5:1). من جهةٍ أخرى، من غيرِ الممكنِ أن يصدر شيءٌ صالحٌ من العدوِّ بالنَّظر إلى كونه شريراً. فالأمورُ العادلة نشأت في الله وأيضاً عندما يمارسُ عدلَه، فهناك أمورٌ يجب أن نفتكرَ كي ننالَ البركات المُعدَّة لنا.

إنَّ الربَّ مصدرٌ طاهرٌ جداً ومن غيرِ الممكن أن يوجَد فيه أيِّ شيءٍ يضرُّنا. إذاً لا يجب أنْ يُحسَب كلُّ ما هو دنسٌ حتى لو كانت المسألة مذكورةً في الكتاب المقدَّس، فنفهم أنَّ حظرها أو إذنها سيظلُّ ساري المفعول عن طريق التكافؤ. لنأخذَ مثالاً: تنصُّ الكلمة على أنَّ مدمني الخمرِ لن يرثوا ملكوت السماوات لأنَّهم بفعلهم هذا يُتلِفون أجسادهم التي هي هيكل الرُّوح القدس (2 كورنثوس 16:6)، مع أخذِ هذه الآية في الاعتبارِ، بإمكاننا أنْ نفهمَ نسبيَّاً أنَّ مدمني المخدرات، على سبيل المثال، يسبِّبون أيضاً الضَّرر لأنفسهم ولن يرثوا ملكوت الله (غلاطية 21:5).

بالتَّأكيد يستحيل أن يأتي أمرٌ غير مسرٍّ من الله سواء كان ماديَّاً أو مجرَّداً، فإنْ أشعرنا أمرٌ بالسوء أو الاِرتياب أو إنْ كان مخالفاً للكتاب المقدَّس فلن يكون مناسباً لنا. فإنَّنا نراعي فقط الرأفة والطهارة والنَّقاء.

لا تزحم ذهنكَ بالأفكارِ الفاسدة فذاك يعيق نموَّ حياتك العاطفيَّة، فإنَّ الذين يتصرَّفون على هذا النحو يتَّخذون قراراً خاطئاً عندما يُقبِلون على الزواجِ. لكنَّ الذين يفتكرون بكلِّ ما صيته حسنٌ يملكون ميزة عدم ملاحظة نجاسة هذا العالم لأنَّهم يَصبحون محصَّنين ضدَّ ما لا يستحق المدح، والأمور غير القيِّمة التي للأسف ما زالت تحكم عقول الكثيرين في أيامنا هذه، أيْ الناس الذين يستمتعون بالإثم.

لا تحتوي الأمور الساذجة على الفضيلةِ وأنَّها بالحقيقةِ مضيعة للوقتِ، فإنْ كنَّا نراعيها فلن نحصل على شيءٍ في المقابل وسوف نضيِّع الفرص لإعدادِ خططٍ صالحةٍ لحياتنا ولحياة الآخرين، من خلال قولِ كلمات الثناء واتِّخاذ القرارات الصائبة في الوقت المناسب. فلا تكفَّ عن زحمِ ذهنك بالأفكار القيِّمة!

محبَّتي لكم في المسيح

د. ر. ر. سوارز