-
-
وَغَضِبَ سَيِّدُهُ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْمُعَذِّبِينَ حَتَّى يُوفِيَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ. (متى34:18)
التَّسامح من أجمل الأشياء المباركة التي يُمكننا القيام بها. عندما نغفر، نصبح شبه الربِّ الذي يغفر لنا كلَّ ذنوبنا. لقد ضربَ المثل وعلينا أن نتبعه. في هذا المقطع من الكتاب المقدَّس، يُخبرنا يسوع أنَّ غفران الربِّ لديوننا أعظم من أيِّ شيء يُمكننا القيام به لصالح قريبنا، لأنَّ الدَّين الذي لله علينا أكبر بكثيرٍ ممَّا نتخيَّل أو يمكننا سداده.
أرادَ ملكٌ معيَّن تصفية حساباته مع خدمِه. وعندما بدأ في تصفية الحساب أُحضِر له واحد يدين له بعشرة آلاف درهم. فقط لكي يكون لديك فكرة، في تلك الأوقات، كان العامل يربح 20 دينارًا في اليوم. احتوت الوزنة على حوالي ستة آلاف دينار، أي 300 يوم عمل. نضرب عشرة آلاف وزنة في 300، سيكون لدينا 3 ملايين يوم عمل، والتي عند ضربِها في 20 ريالًا، ستُعادل 60 مليون ريال. إنَّ دينه لن يُسدد ولا حتى إذا تمَّ بيعه كعبدٍ مع زوجته وأولاده وجميع ممتلكاته.
بما أنَّ الأمثال تنقل معنى باستخدام المقارنة، فقد أراد يسوعُ أن يُظهر لجمهوره أنَّنا غير قادرين على دفع ثمن خطايانا. فسقط العبدُ أمام الملك متوسّلاً طالباً الرَّحمة. تحنَّن الملك وغفر له الدَّين. لكنَّ العبد الذي غُفر دينه خرج ووجد شخصاً من الخدَمِ رفاقه مدينًا له بمئة دينار أو مائة ريال. ولمَّا لم يستطع العبدُ سداد الدَّين، ألقاه ذلك العبد في السِّجن.
فلمَّا رأى العبيدُ رفاقه ما حدث جاءوا وأخبروا الملك. فغضب الملكُ وقال له: "أيها العبد الشِّرير!" بعد أن غُفِر لك هذا الدَّين العظيم، كان ينبغي عليك أن تغفر لرفيقك أيضاً بدلاً من أن تلقي به في السِّجن. يعلِّمنا هذا المثل أنَّه إذا تصرَّفنا كأشرار، فإنَّ الغفران الذي تلقَّيناه سيُلغى بالفعلِ.
لقد علَّمنا يسوعُ هذا الدَّرس لئلَّا نعاني من أيِّ خسائر عندما لا نغفر لأيِّ شخص أخطأ في حقِّنا. كان من المستحيل سداد ديوننا، فطالما تمَّ إعفاؤنا من مثل هذا الدَّين الكبير، لماذا لا نغفر لمن يدينون لنا بأقلِّ من ذلك بكثير؟ فقط القلب الشِّرير يمكنه أن يتصرَّف بهذه الطريقة. تمَّ إلغاء غفران الخادم وسُلِّم إلى الجلادين. ليس حسناً أبدًا التصرُّف بطريقة شرِّيرةٍ.
لم يعلّم يسوع شيئًا أبدًا بدون هدف، أو لمجرَّد إثارة الجدل. تحدَّث عن كلِّ من لا يحذو حذوه ولا يفعل مشيئة الله. يوجد كثير من النَّاس في سجون روحيَّة مضطهَدين من قِبل الظالمين، لأنَّهم تصرَّفوا بطريقة شرِّيرة تجاه مديونيهم.
سنتعامل بنفس الطريقة التي نعاملُ بها رفاقنا حسب الإيمان بيسوع (لوقا38:6). إذا أردنا أن يرحمنا الله علينا أن نتعاطف مع الذين أساءوا إلينا. وإلَّا فإنَّ الجلَّادين "سوف يهتمُّون بنا". ألم نُغضِب أبانا على نطاق أكبر بكثيرٍ؟
محبتي لكم في المسيح
د.ر.ر. سوارز