-
-
فَأَخَذَ صَمُوئِيلُ حَجَراً وَنَصَبَهُ بَيْنَ الْمِصْفَاةِ وَالسِّنِّ, وَدَعَا اسْمَهُ حَجَرَ الْمَعُونَةِ وَقَالَ: إِلَى هُنَا أَعَانَنَا الرَّبُّ (صموئيل الأول 7: 12).
إنَّهُ أمرٌ رائعٌ أن نَشكرَ أولئِكَ الَّذينَ يَعْملونَ مَعْروفاً مَعنا، وأغَلبُ النّاسِ تَفهمُ هَذا المَعنى للشُّكْر وتُمارسُهُ. ولكِن قِلّةٌ هم الذين يَشكرونَ الرَّب، وأنْ أشكُرَهُ لا يَعني مجرّد القول: شكراً يَا ربُّ.
اعْترفَ صَموئيل بِمَا فَعلهُ الرَّب مَعَهُ، أعْلنَ أنهُ كانَ يَنْتظر المَزيْدَ مِنه. فالأشخاصُ الَّذينَ يَثقونَ بالله حقاً يَنْتظرونَ مِنهُ المَزيدَ دائماً، هُم لا يَنْتظرونَ إنْهَاءَ العملِ لكي يَشكُرُونَهُ، بل تَجدُهُم يُقدّمونَ لهُ التَمجيدَ في كُلِّ وقَتْ عَلى نُصْرتِهِم بِهِ. وهَكذا، يُظْهِرونَ أنَهُم يَثِقونَ أن الرَّبَ سَيُعْطيهم المَزيدَ. ونَحنُ عِندمَا نَفعلُ شَيئاً لأحَدٍ ما، ثُمَّ يَبحثُ عَنا ليشكُرنَا، نَشعُرُ بِسَعادةٍ لا تُضَاهى. وبِلا شَكٍّ أنّ الرَّبَ يَشعُرُ أيضَاً بِهَذا الفَرحِ العَظِيم، عِنْدمَا نَعترفُ بِفَضلهِ عَلينا ونَحمدهُ. ولكِنْ للأسفِ الَكثيرينَ لا يَتذكرونَ تَقديمَ الشُّكْرِ لهُ.
يُحْكَى أنَّهُ كَان هُناكَ شَخَصٌ مَشَهورٌ جدّاً، وكَانَ غَيرُ مُؤمِن، وكَانت أعصَابهُ مُتوترةٌ لأنّهُ لم يَجدْ مَكاناً ليُوقِفَ فِيهِ سَيْارتَه، وكَان على عجلةٍ من أمرهِ بسببِ جَلسةٍ في المَحْكمةِ، وإن تَأخّرَ عَنْ المُوعدِ، سَيحْكمُ القَاضي بِإلغاءِ الدَّعْوةِ. وتَذْكَّرَ أنَّ بَعضَ أصْدِقائهُ المَسِيحِيين أخَبرُوهُ أنّ المَسِيح يُساعدهُم دَائماً حَتى بإيجادِ مَكانٍ لإيقافِ السَّيارة. فأغَلقَ عَيْنيهِ وقَال: "يَا رَّب، لو كُنَتَ مُوْجوداً حَقّاً، اِمنَحَني فُرصَةً لأعرفَك، وسَاعِدْني لِكِي أجدَ مَكَاناً لسِيَارَتي". وسَار عِشْرُون متراً تَقْريِباً ورأى مَكَاناً أمَام المَحْكَمة، فَقال: " لسْتُ بِحَاجةٍ لمُسَاعَدتِكَ ".
أنْ لا تَشكُرَ الرَّب، كَأنّك تَقُول لهُ أنَكَ لا تُريد مِنه أيّ شيءٍ آخَر، لأنَّ الشُّكرَ الحَقيقي لا يَظْهَر بِكَلمةِ " شكْراً " فَحَسْب، ولكِنْ كَما فَعَلَ صَمُوئِيل، بأن تُقَدّمَ تِذْكَاراً، أو تَفْعَل شَيئاً لِشَخصٍ يَبَقَى فِي ذَاكِرتِهِ، أو تُقَدِيمُ صَلاةَ شُّكرٍ للرَّبِ أو تُعْطي هَديةً لأحدِ المُحْتاجينَ وتُوضّحَ لهُ بِأنَ ذَلكَ مِنْ أجَلِ أنَّ الرَّبَ القَديرَ قدْ أحْسنَ إليْكَ.
أظَهَرَ صَمُوئيل بِمَا فَعلهُ، أنَّهً يَنْتظرُ المَزيدَ مِنَ الرَّب. وكُلّ مَنْ يَثِقُ فِي الله حَقاً، يَجبُ أن يَنْتظرَ مِنْهُ المَزيدَ دَائماً. وعِبارةَ " إلى هُنَا " المَذْكورةُ فِي الآيةِ، تُخْبِرنَا أنَّ هُناكَ الكَثير سَوْفَ يأتي بَعْدْ، فَالشُّكرُ النَابِعُ مِنَ القَلب يَزيدُنَا إيمَاناً بأنَّ الرَّبَ سَيُكملُ العَمَل ولا حَاجة بنَا لانْتِظارِ مُعْجزة كَاملة لِكي نَشْكُرهُ. وعِنْدمَا نُظهرُ للجَميعِ مَا فَعَلهُ الرَّب لنَا، فَنحنُ بِذلكَ نُشدِّدُ إيْمانَهُم أيضاً، ليَنْظروا أعَمَالَ الرَّبِ العَظيمةِ تَتَحَققُ. وهَذا يُقوّي أرواحَنَا في الرَّب، ويُؤكّدُ مَكانَتنَا ويمنحَنا معرفتَه أكَثَر.
نَحْصُلُ أحَيَاناً عَلى النَّصْرِ في مَعَاركٍ مُخْتلفةٍ. وعَدَمُ الشُّكْرِ قَدْ يُوقفُ عَملَ الرَّبِ. أمَّا الشُّكرُ الحَقِيقي الذي يَكونُ مِنَ القَلْب، ونَبَذُلُ فِيهِ جُهْداً كَبِيراً للتَعبيرِ عن اِمْتِنانُنَا، يَتحَوّلُ إلى رِسَالةٍ لأيِّ شَخَصٍ يَشَعرُ بَالظّلمِ. ولنَتَذكرَ دَائماً أنَهُ عِندمَا نُكرمُ الرَّبَ، يُكْرِمُنَا.
محبتي لكم في المسيح
د.سوارز