-
-
وَطَبَخَ يَعْقُوبُ طَبِيخًا، فَأَتَى عِيسُو مِنَ الْحَقْلِ وَهُوَ قَدْ أَعْيَا. (تكوين29:25)
كان هناك تزاحمٌ بين عيسو ويعقوب من الرَّحم. في الواقع، كان الصِّراع أعظم من خصامِ الإخوة، لأنَّه كان صراعُ الخيرِ ضدَّ الشَّر. وُلد الرَّجل الذي سيكون أبًا لشعبِ الربِّ من بطن رفقة، وريثُ المواعيد؛ لهذا لا يُمكن أن يكونَ إنساناً جسديَّاً أو شخصاً لا يهتمّ بأمور الله. ليست الأحداث هي التي تؤثر علينا سلباً، بل الاهتمام الذي نوليه للشَّيطان وقلَّة الاحترام الذي نظهره أحيانًا تجاه خطة الفداء للبشرية أجمَع.
حقيقة أنَّ يعقوب وُلد ويدهُ مُمسكةٌ بعقبِ أخيهِ التَّوأم يمكن أن تكون إشارة إلى أنَّ عيسو، وبغير وعيٍ، استخدم القوَّة ليخرجَ قبلَ أخيهِ، وبالتَّالي كي تعاقَ الخطّة الإلهيَّة. لكنَّ الربَّ الذي يزنُ قلوبَ النَّاس لم يَدع ذلك يدوم. لا أعرف لماذا كثيرٌ من النَّاس يدينون يعقوبَ ويصفونَه بالسَّارق والمُخادع! لكنَّه قام بصفقةٍ نظيفةٍ ومشروعةٍ. بالنَّتيجة، احتقر عيسو بكوريتَه مقابل طبقٍ من الطَّعامِ.
إذا جاء شخصٌ لا يحبُّ أمورَ الله وقاد العائلة التي سيأتي منها المخلِّصُ، فيمكنه تدمير كلَّ شيء. كانت شخصيَّة عيسو سيَّئة، وقد ظهر ذلك بوضوحٍ عندما تزوَّج، بقرارِه الخاصّ، من امرأتين من شعبٍ مختلفٍ، ممَّا تسبَّبَ في مرارةٍ لوالديه (تكوين 26: 34، 35). لأنَّ رفقة كانت روحيَّة، عرفت كيف تقود النَّسل، فقرَّرت حسب مشيئة الله عندما احتقر عيسو بكوريَّتَه وباعها.
كان عيسو صيادًا عظيمًا، أمَّا يعقوب فكان هادئًا ويسكنُ الخيام. يُظهر سلوكُ الشَّخص ما يُمكن أن يكونه بين أيدي العليِّ. إنَّ الربَّ بحاجةٍ إلى أناسٍ لا يطمَحون إلى أن يكونوا أغنياءً ومشاهير، والأهمّ والأكثر قيمةٍ هو مواهبهم الطَّبيعية. يجب أن يفضِّل قلبُ الخادم دائمًا أن ينموَ مجدُ الربّ أمَّا هو فينقصُ.
يعلنُ المزمور 15 و24 أنَّ الله لا يحبّ أولئك الذين لا يوفون بما وعدَوا به، حتى لو كانوا وحدهم المتضرِّرين. لهذا السَّبب من الضَّروري توخّي الحَذر الشَّديد عندما نلتزم بكلمتنا في مشروعٍ ما، في حفلِ عرسِ مثلاً، وخاصَّة في الخِدمة. إذا نذرتَ نذراً للربّ فلا تتأخَّر في الوفاءِ به، لأنَّه لا يرضى بالحَمقى (جامعه 5: 4). حانَ الوقتُ لتعلُّم ما يقوله الكتابُ المقدَّس، لأنَّه بالتَّأكيد يخبرُ الكثيرَ.
شعَرتْ رفقة من الله أنَّ البركة ليعقوب، وتغلبَّت على عاطفة الامومة الطَّبيعية تجاه الابن، وقد ساعدتْ في تحقيقِ مشيئة الربّ. التَّوجه الكتابي هو أن تحفظَ ما أعطيَ لك، وإلَّا ستفقده (رؤيا11:3). لأنَّ من له سيُعطى ويُزاد. وأمَّا الذي ليس له، فالذي عنده سيُؤخذ منهُ. (مت12:13). فالشَّخص الذي لا يُبدِّد ما أعطيَ له سيَحصل على وفرةٍ أكثرَ، والعكسُ سيحدثُ أيضًا.
كما حدثَ ليعقوب، الذي كان لديه العديد من التَّجارب وبعضها كان مؤلمًا للغاية، ستجتازُ أنتَ أيضًا بخيباتِ أملٍ وإحباطاتٍ وخياناتٍ أثناء التَّدريب. ولكن يجب أن تظلَّ حازمًا، لأنَّ الربَّ يعرف كيف يُعِدُّ هؤلاء لتشكيل خدمةِ كنيستهِ. هناك الكثير من النَّاس الذين يُمكن أن يَخلصوا أو يضِلّوا بحسبِ سلوكهم في طاعة الله أو عصيانِه. يحدِّد قرارك في الخدمة المقدار الذي ستُستخدم فيه (لوقا38:6).
محبتي لكم في المسيح
د.ر.ر. سوارز