-
-
"لُحَيْظَةً تَرَكْتُكِ، وَبِمَرَاحِمَ عَظِيمَةٍ سَأَجْمَعُكِ." (إشعياء ٥٤: ٧)
شكَّلت لحظةُ خلقِ الإنسان فرحاً وإنجازاً عظيمَين بالنسبة للربِّ، وبعد كلِّ شيء خلق اللهُ الإنسان على صورته ومثاله للسّير معه وأن يكون جزءاً من مشيئتهِ الجميلة والسياديِّة (تكوين ٢٦:١). في البدءِ، شكَّل الله من الأرض الحيوانات البريّة وكلَّ طيور السماء وجاء بهم إلى الإنسان لكي يدعوهم بأسماء، وتمَّت تسمية كلَّ خليقة حيَّة بحسب ما دعاهم الإنسان. إلا أنَّه عصيَ، وبالتالي فتح الباب أمام الشيطان للدخولِ وأن يصبح سيِّد هذا العالم.
عندما تدخل الخطيِّة إلى العالم لن يسمح الربُّ للإنسان بالبقاءِ في محضره لأنَّه قدّوس، الأمر الذي سوف يبيد الإنسان بالكامل بسببِ نور طبيعته ولن يوجد رجاءٌ للبشر. لذلك، إنَّ طرد الله لآدم وحواء من جنَّة عدن كان لصالحنا. لقد تركهم الخالق، الأمر الذي ما كان ليفعله لو استمَّر كلٌّ من آدم وحواء في الطاعة.
لكن لم يترك اللهُ الناس للأبد بل كانت لحيظة واحدة فقط. بالنسبةِ للإنسان تبدو وقتاً طويلاً، لأنَّه في لحظة لم يعد قادراً على البقاء في محضر الله معتمداً على معونته ومراحمه والبركات الأخرى التي اعتاد على الحصول عليها من الربِّ. إلا أنَّه في اللحظة التي سقط فيها آدم بدأ الربُّ بالتخطيط لفداءِ البشريّة.
في نظرِ الشخص الأبدي والمتحكِّم في الأوقات وكلِّ الأمور تشير هذه اللحظة إلى الانفصال الذي كان ضروريِّاً كما رأينا مسبقاً، لكن بالنسبة لنا كبشرٍ يحسبون الساعات والدقائق كانت هذه اللحظة طويلة كفاية لتصنع تأثيراً كبيراً. شكراً لله لأنَّ هذا كلُّه ليس مهماً لأنَّ يسوع نزل إلى الهاوية وغلب الشرير وملائكته المتحكّمة فينا وحرَّرنا.
إنَّ الخبر السار هو أن الله جمعنا بمراحمٍ عظيمة. وبالرَّغم من اشتراك الإنسان بأكثر الخطايا شناعةً ونجاسةً فقد تمَّ جمعه، وكلُّ ما عليه فعله هو الاعتراف بخطيّته لكي ينال الخلاص بالكامل. فلا شيء يفصلنا عن الله سوى بقائنا في الخطيِّة. هذا وكلُّ الذين يؤمنون بكامل عمل يسوع على الصليب ينالون الخلاص حتماً.
تجلبُ مراحم الله الغفران والمصالحة لكلِّ الذين يأخذون مكانة أبناء الله. ثمَّ إنِّ كلُّ من نالوا الخلاص لا يجب عليهم في ما بعد أن يُخضِعوا أنفسهم لأيّة من شهوات العدو، بل أن يبقوا متمسكين بما قاله الربُّ. إذا ظلّلت ثابتاً في مكانتك مثل ابن لله لن يستطيع الشيطانُ أن يمسَّ أي جزء من حياتك. لكن إن سقطّت وارتكبتَ الخطيَّة تُبْ عنها على الفور وإلَّا سوف تفقد تواصلك مع الآب.
عِش بمراحم الربِّ، لأنَّ التمسُّك بما فعله يسوع من أجلك لن يُجيء بك إلى الدينونة ولن تسقط في فخِّ الشيطان ولن تُستَعبد منه. اليوم مكانتُك هي السّيادة. إذاً يستطيع كلُّ الذين يعيشون في المسيح؛ بل يجب أن يفرحوا بالحريَّة الأبديَّة. هللويا!
محبَّتي لكم في المسيحِ
د. ر. ر. سوارز