-
-
إِحْصَاءَ أَيَّامِنَا هَكَذَا عَلِّمْنَا فَنُؤْتَى قَلْبَ حِكْمَةٍ (المزامير 90: 12).
حَدَّد الخَالقُ وقتاً مُعيّناً لكُل شَخصٍ يَعيشُ على وجهِ الأرضِ، وقدْ فهمَ مُرنّمُ هَذا المَزمور، وأدَركَ أيضاً، أنهُ يَجبُ عَليهِ أن يَتعلّمَ إحصاءَ أيامهِ مَع الرَّبِّ لكي يَحصلَ على قَلبِ حكمةٍ.
إنّه أمرٌ حسنٌ دَائماً إحصاء الأيامِ التي قدْ مَضتْ وتخيّل عَددَ الأيام البَاقيةِ لنا، وذَلك كي لا نُضيّعهَا في أشياءِ التفاهةِ، ومن فضلك، تذكّر أن لا تتصرَّف مثل الرَّجل الغني في المثل الذي قاله يسوع، وإلا سوفَ تندم فيما بعد (لوقا 12: 16- 21). ولأنّ لدِينا عُمرٌ مُعيَّن، وهَذا أمرٌ مفروغٌ منهُ، لذلك يَجبُ أن لا نبدّدهُ، بلّ نَستثمرهُ في فِعلِ الخَيرِ، أخيراً، أيامُنا قدْ تَكونُ قَصيرةٌ عَلى الأرضِ، ولكِنها في الأبديةِ سَتدومُ إلى الأبدِ. لذلك حَانَ الوقتُ لكي نَبدأ العَمَل الصَّالِحَ بأقصى سُرعةٍ مُمكنةٍ.
أعلنَ المُرنم في هذا المزمور أنّ مُتوسطَ أعْمارنا هي سَبْعُونَ سَنَةً وَإِنْ كَانَتْ مَعَ الْقُوَّةِ فَثَمَانُونَ سَنَةً والباقي تَعَبٌ وَبَلِيَّةٌ (مزمور 90: 10). يُمكن أن يَعيشَ البَعْض أكثر قَليلاً، لكنْ، عاجلاً أم آجلاً سَوف تَأتي النِّهايةُ. هُناك بُعض الأشخاِص يَعيشونَ كَأنّهم مُقيمونَ هُنا إلى الأبد، إنمَّا المُوت أتٍ للجَميع - ولقدِيسي الرَّب أيضاً، كمَا حَدثَ مَثلاً مَع دَاود، رَجُلاً حَسَبَ قَلْبِ الرب الإله (أعمال الرسل 13: 22).
سَيجتازُ الجَميعُ بِتجربة الحَيَاةِ في هَذا العَالمِ والرَّحِيلِ مِنهُ، وجِيّدٌ أن نُجهّزَ أنفسنا مِن أجلِ هَذهِ اللّحظةِ المَجيدةِ، التي هُناك، التي سَيستقبلُنا فِيها الرَّبُ يَسوع مَع جَميعِ المُخلَّصينْ ويَبقى مَعنا إلى الأبدِ.
نَحتاجُ أن نَتعلمَ أنّ عَددَ أيامنا قَليلٌ مِثلمَا فَعل المُرنّم! لقدْ كانَ رجُلاً مُستنيراً. إذاً مَاذا نَفعَل؟ هل تُضيعُ وقتكَ في التَفاخُرِ بأشياءٍ زائفةٍ أو أنكَ تَجمع كُنوزاً للأبديةِ (متى 6: 19، 20). ولنفترضَ أنَك تَفعلُ هَذا، وتَجمعُ وتَكنزُ أشياءً مَاديةً، أحِبُّ أن أقَول لكَ شَيئاً: أنتَ الكَائنُ الاكثرُ بُؤساً عَلى الكُرة الأرضِية، بِغضِّ النّظرِ عن مَدىَ ثرائِكَ. لأنّ المِقياس هُنا هو الحُصولُ على القلبِ الحَكيمِ، وكُلُّ من يَنالُ ذَلك سَيعيشُ مع الرَّبِّ إلى الأبدِ – وبالإضافةِ إلى وجُودِنَا في مَحضرِ الالهِ الوحِيد القادرُ على كُلِّ شيءٍ، فليْسَ هُناكَ أيّ عَملاً نَقومُ بِهِ، لأنّ الرَّبَّ قد أعَدَّ كُلَّ شيء (متى 25: 31، 34).
إنّ من يَتعلّمُ إحصاءَ أيامهِ، سَيكونُ لديهِ قَلبٌ حَكيمٌ. فَكم عَددُ أيام حَياتِك على الأرضِ؟ وكم عَدد الأيامِ البَاقية؟ ومَاذا فَعلتَ فِيها ومَاذا سَوف تَفعل؟ فالحَياةُ تَنتهي سَريعاً. فَاحذر كي لا تُساق ورَاء الأشياءِ الزَائفةِ، ولاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ. (1يوحنا 2: 15- 17). هَكذا استطاعَ العَدوُّ أن يَخدعَ خُداماً للرَّبِّ كَثيرين. هل أنت مُستعدٌ لتكريسِ وقْتكَ للرَّبِ؟ لتَعيشَ بَعدَ ذَلك حَياة كريمة ومُثمرة.
إنَّ مَثلَ الرجُل الغَني الذي قَالهُ الرَّبُّ يَسوع مُدهشٌ، فقدْ كان رجَلاً يَتمتعُ بِحياةٍ جيدةٍ جداً، ويَعيشُ مُترفِّهاً، وكَان مُتديِّناً أيضاً، ويَعرفُ رسَالة الخَلاصِ ويَعلمُ مَاذا كَان يُمثلُ إبْراهيمَ للمُؤمنين. لكنْ للأسفِ الشَديد، قدْ ارتكبَ خَطأً بَسِيطاً: لمْ يَكنْ مُستعِداً. والذين يَفعلونَ مِثلهُ سَوف يَتألّمونَ في الجَحيم إلى الأبدِ. لذلكَ انتبه! وانظر لكي لا تكونَ شريكهُ، وتَذكر أنّ نَدمهُ المُتأخر لمْ يُفيدهُ بشيءٍ على الإطلاقِ. وأخيراً أنفِق عُمركَ في عملِ الخيرِ، لأنّ أيامكَ قليلةٌ جداً على الأرْضِ، إنمَّا الأبديةُ في السَّماءِ.
محبّتي لكم في المسيح
د.سوارز