-
-
أَلَيْسَتْ كُلُّ الأَرْضِ أَمَامَكَ؟ اعْتَزِلْ عَنِّي. إِنْ ذَهَبْتَ شِمَالاً فَأَنَا يَمِينًا، وَإِنْ يَمِينًا فَأَنَا شِمَالاً».
(تكوين9:13)
اعتبرَ إبراهيمُ لوطاً ابن أخيه كأخٍ له. لكنَّ الإثم الذي كان في داخلِ قريبه جلبَ القلق لقلبِ رئيس الآباء العبراني. لذلك كان على إبراهيم أن يتَّخذ قرارًا. من المؤكد أنه صلّى كثيراً لأجلِ ما كان يحدث وبتوجيهٍ من الله اقترح أن يفترقَ الاثنان. وبالتالي كشف لوطٌ ما كان يجولُ في داخلهِ عندَ الفُراق. لماذا لم يُدرك لوطٌ أنَّ البركة كانت من خلال رفقتهِ مع عمِّه؟
إنَّ اقتراح الفُراق صعبٌ أحياناً مع شخصِ نحبُّه حقًا؛ ولكن إذا أصبح العيشُ المشترك غير مرغوبٍ فيه ولا يرى الشخصُ المحبوب أنّه هو، أو أولئك الذين يعملون لديهِ يتسبَّبون في هذا الموقف، فإنَّ الحلَّ الوحيد هو الانفصال. يجب طلب المعونة من العليّ لأنَّنا لا نعرف البشرَ حقًا ولكنَّ الربَّ كلِّي العِلم. يجب ألَّا نسمح للمشاعر السَّيئة أن توجِّهنا في مثلِ هذه المواقف التي تعترضُ طريقنا أحياناً.
لا يُمكن أن نقّدم اقتراحاً بحسبِ تفضيلِنا. بغضِّ النَّظر عن مدى صواب مواقفِنا، يجب على الشَّخص الذي يبادر بالاقتراح أن يقدِّم شروطًا عادلة لكلا الطرفين والسَّماح للآخر بالاختيار أوَّلاً حتى لا يتم اتهامه بسوء النِّية. هذا ممكنٌ فقط من خلالِ الصَّلاة ومساعدة العليِّ. أمَّا المخادع فيفقد البركة السَّماوية.
أثبتَ لوطٌ أنَّه ينقادُ بالعواطف رُغم علمهِ أنَّ تلك الأراضي الموعودة هي لإبراهيم، لكنَّه اختار ما كان يعتقد أنَّه الأفضل. حسنًا، يمكن للإنسان أن يرى منتجاً أو شيئًا أفضل، لكن هذا ليس هو الحالُ دائمًا. من المهم أن يأخذ الشَّخصُ البارُّ في الاعتبار أنه سينال بركة الله. لهذا ينجح الأبرار في أيِّ مكان لأن الربَّ سوف يساعدهم.
المُحزن في هذا الموقف أنَّ العمّ وابن أخيهِ كان عليهما الانفصال. ولكن علِمنا لاحقًا أنّ اللَه أنقذ لوطاً بدافع محبَّته لإبراهيم وأسرته، ممَّا يوضح لنا أنَّ مسحةَ القدير لا تجعلنا قساةً. حتى لو كانت لدينا بعضُ المشاعر السَّيئة، من الناحية الإنسانية، لكنَّنا نتصرَّف بشكل صحيح. لم يكن من المجدي أن يختار لوطٌ الأفضل لأنّ الأمرَ انتهى به دون جدوى وكاد أن يفقد حياتهُ.
بحسب يسوع، مساكينُ الرُّوح، والمتواضعون، والجائعون والعطشى إلى البرِّ، والرُّحماء، وأنقياء القلب، وصانعو السَّلام، والمضطهدون والمظلومون، ينجحون فقط لأنهم أبرارٌ ومطيعون للمخلِّص. يجب أن يبتهج هؤلاء الناس بإيمانهم لأنهم يخدمون الله دون عائقٍ.
هناك حقيقة هامَّة أخرى وهي أنَّ لوطاً لم يكسب شخصاً واحداً من أهلِ سدوم لله العليّ على الرُّغم من أنه بذل جهدًا كبيرًا لتحقيق هذه الغاية. والخيرُ الذي فعله لهم تمَّت دينونتهِ. ولم يصدِّقه حتى أصهارُه. للأسف، بدَّدَ لوطٌ بركته! أمَّا أنت فكيف ستمضي؟
محبتي لكم في المسيح
د.ر.ر. سوارز