-
-
وَقَالَ: «دَعَوْتُ مِنْ ضِيقِي الرَّبَّ، فَاسْتَجَابَنِي. صَرَخْتُ مِنْ جَوْفِ الْهَاوِيَةِ، فَسَمِعْتَ صَوْتِي.
(يونان ٢: ٢)
إنَّ الصُّراخَ إلى الربِّ عندما تأتي التجربة هو أمرٌ جيِّد، لأنَّ التجربة بهذه الطريقةِ لن تحصل على الفرصة لتبلغ مبتغاها. فهي سلاحٌ فتَّاك يستخدمه إبليسُ ليمحونا من المحضر الإلهي ويمسكنا ببراثنه. فلا تلهُ مع المجرِّب وتستفزَّه. على سبيلِ المثال، تعرَّض شمشون للخطر ورأى أنَّ قوَّته تحوَّلت إلى وصمةِ عار عندما كشفت دليلةُ سرَّه وسلَّمته إلى الفلسطينيين.
إنَّ الذين يلاحظون مجيء التجربة ولا يصرخون إلى اللهِ يظهرون بذلك عدم أهمّيته في حياتهم. وهذا أمرٌ محزن، لأنَّه عندما تظهر حاجتهم للمساعدة لن يقدر القديرُ على مدِّ يد العون لهم. فالربُّ لا يكلُّ ولا يعيى، لذلك في كلِّ وقت تحتاجه صلِّ بإيمان وآمن بأنَّه سيستجيب، لأنَّه لا ينكر نفسه (٢ تيموثاوس ١٣:٢) يسرُّ الله أن يساعد كلَّ الذين يطلبونه.
يواجه المرءُ الذي لا يصلِّي صعوبات رهيبة. وهذا ما حدث للرسول بطرس الذي على الرغم من تحذير المعلم له إلا أنَّه أنكره ثلاثَ مرات. فلم يصدِّق تحذير يسوع له، مفتكراً بأنَّه قادر على التغلُّب على التجربة بنفسه، ولهذا السَّبب بكى بمرارةٍ طالباً التوبة بعد سقوطه. فكُن على يقينٍ ولا تظنُّ أنّه من الممكن أن تجري الأمور بشكلٍ مختلف معك. لقد استُخدمت هذه الطريقة من قبل العديدين الذين انتهى بهم الأمر تحت سيطرةِ الشيطان.
حينما رأى يونان أنَّه لا يوجد منفذٌ لتخليصِ نفسه، وبعد مضي ثلاثة أيامٍ في جوفِ الحوت فهم أخيراً أنَّ حقيقةَ بقائه حيَّاً هي دليلٌ كافٍ على محبَّة الله له، ومن ثمَّ قرَّر أن يصلِّي. ومن خلال فِعل هذا، حصل على رحمةِ الربِّ وتمَّت نجاته. إذن، إن كنت تحت ظرفٍ يجعلك لا ترى الأمل للنَّجاة، افعل ذاتَ الأمر وانظر كم أنَّ الله قادرٌ على معونتك. فإنَّه مكتوب عن الربِّ: لاَ يَمْنَعُ خَيْرًا عَنِ السَّالِكِينَ بِالْكَمَالِ. (المزامير ٨٤: ١١).
لقد لخَّص يونان معناته بقوله إنَّه كان في جوفِ الهاوية، فكانت معاناته شديدةً ولا مفرٌّ منها. لكن عندما تذكَّر الوعودَ دخلت قوة الله إلى قلبه، وعندما رفع صلاته إلى الربِّ، سُمع له ما أكَّده القدير، بالرَّغم من أنَّه لم يفعل مشيئته. لكن بعد أن عاد الإيمانُ إلى قلبه، تحكَّم به وشرع إلى تنفيذ مهمَّته.
لا يهمُّ المكان أو المدَّة التي سمحتَ فيها لنفسك بالانسياقِ وراء العدوِّ. فما يهمُّ حقاً هو عملُ نور الله في كيانك وصراخك إليه. وبكلِّ تأكيد ستّتم الاستجابة لك وتخليصك. وقد مكّنت هذه الطريقة الربَّ من سماعِ هاجر وسدِّ حاجتها (تكوين ١٧:٢١) فإنَّ القدير يعِد بالاستجابة لكلِّ الذين يلتجؤون إليه.
يأمر العليُّ "السَّمكة" التي ابتلعتك أن تقذفكَ. وعندئذٍ ستكون قادراً على تصحيحِ كلِّ خطأ والعمل بالخطَّة التي رسمها القدير لك. لذلك، لا تسمح للشيطان أن يخدعكَ من جديد. ولا تخَف من كلِّ تهديداته، بل قرِّر أن تحقِّق إرادة الله الكاملة واصرخ إليه ونِل خلاصك.
محبَّتي لكم في المسيحِ
د. ر. ر. سوارز