-
-
وَأَمَّا أَبُوكُمَا فَغَدَرَ بِي وَغَيَّرَ أُجْرَتِي عَشَرَ مَرَّاتٍ. لكِنَّ اللهَ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ أَنْ يَصْنَعَ بِي شَرًّا. (التكوين ٣١: ٧)
إنَّ مثابرةَ يعقوب للحصول على ما وعده اللهُ به، هو أمرٌ يستحقُّ التأمُّل، لأنَّه لو لم يصبرْ لكان خلاصنا في خطر. لقد تحدَّث عن مخافة الربِّ، موضِّحاً أنَّ دروس الصَّبر والثِّقة بالربِّ التي تلقَّاها من أبيه قادت حياته. الأمر الذي يعلِّمنا أن نضع في اعتبارنا أنَّ أعمالنا سوف يتمُّ التمثُّل بها، إلى جانب نجاحنا.
أثبت الصِّراع الذي دار في رحِم رفقة بأنَّ الأمور تعود إلى وقتٍ أطول مَّما تتخيَّل. فنحن لا نعلم السَّبب وراء قرارات الله، لكنَّنا يجب أن نتقبَّل دائماً ما يفعله وأن نثق به، فهناك أمورٌ عديدة مخفيَّة عن مرآنا إلى الآن. ثمَّ، لا يسمح "المتحكِّم" بالأمور بأن تتمَّ سرقتنا أو أذيَّتنا. فالذين يصبرون يخلِّصون أنفسهم.
عندما وُلد يعقوب ماسكاً بعقبِ عيسو، أرسل بذلك رسالةً مفادها أنَّه سيحلُّ محل أخيه، وإنَّها مسألة وقت. لذلك، نحتاج إلى معرفة مشيئة الآب لحياتنا. فلا يجب أن نضعف أو أن نحاول استغلال كلِّ الفرص المُتاحة، بل فقط تلك التي تأتي من الربِّ. كُن أميناً دائماً معه، لأنَّه يعلم لماذا اختارنا.
إنَّ السَّبع سنين التي خدم بها يعقوبُ لابان لأخذِ راحيل، وتحوَّلت فيما بعد إلى سبع سنين أخرى، هي دليلٌ على مثابرته للوصول إلى الهدف الذي أعدَّه الله له. جهِّز نفسك لاستقبال ما قِيل عنك، ولا تستسلم عندما تبدو الأمور مستحيلة بالرغم من مرور عدَّة سنوات وحدوث أشياء كثيرة. فعندما يأتي الوقتُ المناسب سوف يظهر أمامك كلُّ ما وعدك الله به. ثمَّ، فقط احصل عليه.
بدا الأمرُ كما لو أنَّه لن ينجح مطلقاً بسبب تغيُّر مرتَّبه لعشرِ مرات، ولم نراه يتجادل مع حميه. لذا، لا تتجادل بشأن ما هو ملكك، بل دع الربَّ يقودك، لأنَّ ليس كلُّ ما يهمُّ الإنسان يهمُّ الله. إنَّ الخطط الإلهيَّة ليست حكراً علينا ورؤياه ليست مثل رؤيانا. لكنَّ عينيّ الربِّ تنظران الأرض، وبالتأكيد سوف يتمِّم ما وعد به.
علم يعقوب بأنَّ الله سيحفظه ويرفعه ويحقِّق العدالة. وتعلَّم ما يجب فعله للحصول على حقِّه أثناء خدمة الربِّ من كلِّ قلبه. إذن، ينبغي على كلِّ ابنٍ لله أن يؤمن بأنَّ الحبال وقعت له في النُّعماء (مزمور ٦:١٦). لذلك، لا تسمح للشيطان بإضعافك وجعلك تسيئ التصرُّف. وكُن خادماً للعلي في كلِّ حين. فإنَّه يُكرم الذين يكرمونه.
رأى يعقوبُ عمل الله من أجله إلى آخر لحظة من حياته. فهذه هي مشيئة الله من جهة المؤمنين به، ومن المؤكَّد أنَّه سيقودك إلى أفضل مكان. فليس هناك شيء أكثر نجاحاً ومكافأة من أن تتكيَّف مع ما جعلك الله تفهمه من خلال كلمته. إذن، ثابر، لأنَّ هذا هو مفتاح النَّجاح.
محبَّتي لكم في المسيحِ
د. ر. ر. سوارز