-
-
فَقَالُوا لِي: «إِنَّ الْبَاقِينَ الَّذِينَ بَقُوا مِنَ السَّبْيِ هُنَاكَ فِي الْبِلاَدِ، هُمْ فِي شَرّ عَظِيمٍ وَعَارٍ. وَسُورُ أُورُشَلِيمَ مُنْهَدِمٌ، وَأَبْوَابُهَا مَحْرُوقَةٌ بِالنَّارِ» (نحميا3:1)
كان لأخو نحميا وأصدقائه دورٌ حاسم في إعادة بناء أسوار أورشليم والارتقاء بأمة إسرائيل. ربما لم تكن لديهم أيّة فكرة أنَّ الله كان يستخدمهم؛ ولكن بما أنَّهم قرَّروا قول الحقيقة، فقد فعلوا ما قيل لهم. لا يهم كم يستخدمك الربّ؛ الشَّيء الهام هو أنَّه يهدف إلى تحقيق خطّته الأبدية. وفي نهاية المطاف، سوف تدرك أنه أحبَّك بشكل كبيرٍ.
لم يكنْ أحدٌ يتخيَّل أنه سيتمّ استخدام ساقٍ بسيطٍ للملك في عملٍ بهذا الحجم. يجب على الذين يستمعون إلى الربّ ألَّا يسمحوا أبدًا للشُّكوك أو أيَّ أكاذيب أخرى للعدوّ أن تغزو قلوبَهم وتُملي عليهم قراراتهم. ولا شكّ أنَّ خطط الله القدير لكلّ إنسان هي من أعلى المستويات وأنبلها. لذلك، احرص على عدم فقدان ما هو مقدرٌ لك أن تفعلَه.
لو تهذّب هؤلاء الرِّجال ولم يتحدَّثوا عن واقع مدينة المَلك، أو حتى كذبوا بشأن ما حدثَ هُناك، وأكَّدوا أنَّ كلَّ شيء على ما يُرام، لمَا شعر نحميا أبدًا بحجم الذلِّ الذي مرَّتْ به بلاده. وبالتالي، لمَا طلبَ الإرشاد الإلهي. فكم من بركة فقدها المظلومون بسبب الذين لا يملكون الشَّجاعة لقول الحقّ لغرضٍ شرِّير.
لا ينبغي لنا أبدًا أن نتحدَّث عن أنفسنا وعمَّا نشعر به، ولكن يجب أن نتحدَّث عمَّا يعطينا إيّاه ربُّنا لنجيبه أو نقوله للذين يطلبون منَّا توضيحاً. رؤيته لِما يحدث حولنا هي الحقيقة، لأنَّ رؤيته تخترق "المكياج" الذي يستخدمه كثيرٌ من الناس بدافعٍ شيطاني خالصٍ. ففي النّهاية، لم يعلنْ الآبُ السَّماوي بطريقة غير مسؤولة أنَّ الذين يتكلمون بالحقّ يظهرون عدلاً (أمثال 12: 17).
يجب أن ننظر إلى المواقف غير السَّارة باعتبارها بابًا مفتوحًا للحديث عن إيماننا وعمَّا يمكن أن يفعله الله. تذكَّر أنَّ الربَّ قد مسَحك وأعدَّك لإنجاز مهمَّة لا يعرف سببَها إلّا هو. حتى لو بدا الأمرُ بسيطًا أو لا معنى له أمام عينيك، لاحقًا، أو في نهاية القرن، فسوف تتعلّم أنَّ ما حدث لك كان هامًّا جدًا لأجل نموّك الرُّوحي.
الوصفُ الذي أدّوه كان بداية عملٍ سيشهد لحظاتٍ من الضِّيق الشَّديد، لأنَّ إظهارَ الحزن أمام الملك، كان يُمكن أن يؤدي بالحكمِ على السَّاقي بالسِّجن، أو فقدان وظيفتهِ أو حتى حياته. لا تنزعج ممَّا يسمح الله لك المرور بهِ، لأنَّه يعرفُ كلَّ شيءٍ ولن يتخلَّى عنك وعن حمايتك في كلّ الأوقات. آمِنْ أنَّ الربَّ صالحٌ ويفي بوعوده دائماً.
وكما كانت أورشليمُ في تلك الأيام، فإنَّ جميع المسيحيين وغير المسيحيين اليوم هم ذات الشَّيء. لا يوجد سلامٌ في العالم، ولا نجاحٌ دائم ولا حلول لمشاكل الإنسان؛ ولكن في المَسيح تتوفر القدرة على إنهاء كلِّ معاناة وتحقيق أيَّامٍ من السَّلام والازدهار.
محبتي لكم في المسيح
د.ر.ر. سوارز