رسالة اليوم

23/05/2024 - عظمةُ نعمةِ الربِّ

-

-

وَلكِنْ بِنِعْمَةِ اللهِ أَنَا مَا أَنَا، وَنِعْمَتُهُ الْمُعْطَاةُ لِي لَمْ تَكُنْ بَاطِلَةً، بَلْ أَنَا تَعِبْتُ أَكْثَرَ مِنْهُمْ جَمِيعِهِمْ. وَلكِنْ لاَ أَنَا، بَلْ نِعْمَةُ اللهِ الَّتِي مَعِي

. (١ كورنثوس ١٥: ١٠)

لقد عمل اللهُ بطريقة رائعة لكي يجعلك تُصغي وتستمع إلى الإنجيل وتحبَّه، فأنَّ خطيَّة آدم فصلت الإنسان عن الخالق وملأته بالخداعِ والغضب، لذلك فإنَّ المخلوق لم يقبل الوصيَّة الواضحة. لا ينغمس البعضُ في الخطيَّة كثيراً، لأنَّ ما يهمُّ الشيطان هو أن يقودهم فقط إلى رفضِ "الحقِّ". فقط الربُّ يعلم كيف صلّينا نيابةً عن الكنيسة من أجل الضَّالين، لعلَّهم يأتوا إلى النّور وينالوا الحريَّة.

اعتبر بولس نفسه أكبرَ الخطاة لأنَّه قاوم عمل الله بسبب تديّنه الأعمى، إلى درجةِ الموافقة على موت استِفانوس، أول شهيد في المسيحيّة (أعمال الرسل ٥٩:٧ ، ٨:٦٠-١)، لكنَّه أراد مواصلةِ اضّطهاده الدموي ضدَّ شعب الله في دمشقَ، عاصمة سورية، ومن ثمَّ التقى بيسوعَ الذي غيَّره (أعمال الرسل ٩). عندما نال الخلاص وامتلأ من الرّوح القدس انطلقَ في حملةٍ جديدة: الكرازة بالحقِّ الذي عثر عليهِ.

علم الرسولُ بولس أنَّ نعمة الله بيَّنت له المشيئة الإلهيَّة، من خلال الطريقةِ التي استطاع بها مقابلةِ ومعرفة الخالق ومحبَّته. فشعر بالضيق بشأن ما يحدث للناس لأنَّهم لا يفهمون رسالة الحياة، بعدَ أن تمَّت دعوته للارتقاء لأنبلِ مهمَّة يمكن للمرء أن يُدعى إليها. وقاسى بولسُ في جسده نفس الاضطهاد الذي فعله سابقاً ضدَّ شعب الربِّ. وبالرَّغم من أنَّ ما فعله لم يكُن عن معرفةٍ، إلا أنَّه أعلن: بنعمةِ الله أنا ما أنا.

لقد أكَّد شيئاً واحداً بفرح: لم تكُن نعمة الله المُعطاة له باطلة. لا يَعي الكثيرُ من المسيحيّين حقيقةَ أنَّه من الممكن أن يحدث لهم ذات الأمر أيضاً، فلا تنجح خطَّة الخالق في حياتهم. لقد خطَّط الخالق لسلسلةٍ من النجاحات للذين يصلون إلى الملكوت. لكنَّ ما يؤسف حقاً هو أنَّ الكثيرين لا يدركون أهميَّة النعمة الإلهيَّة، وبالتالي لا تعطيهم أيَّ ثمار.

كرَّس الرسول نفسه بشدَّة لعمل الله، الأمر الذي أسرَّ الربَّ، وكأنَّه الوحيد الذي دعاه الآبُ لإتمام مقاصده. لذا، على الجميع أن يعلموا ذلك ويكرِّسوا أنفسهم بإخلاص تام لتحقيق خطَّة الله المقدَّسة. إنَّنا لا نتصرَّف بحكمة عندما نتوقَّف عن عملنا لانتقاد أيِّ شخص. فالشيء الصحيح هو تنفيذ ما يوصينا الله به، وبهذه الطريقة سوف نسرُّ قلبه. فإنَّ فرح الربِّ هو قوَّتنا (نحميا ١٠:٨).

لا تهتم إذا كان أحدهم يجتهد بالكرازة بالإنجيل للخليقة كلّها، لكن ما يعنيك حقاً هو ما تفعله في هذا الخصوص. لذا، يجب على جميع أعضاء جسد المسيح أن يكرِّسوا أنفسهم للتأكُّد من وصول رسالة الخلاص إلى جميع الضَّالين في جميع أنحاء العالم. لم يقابل بولس الربَّ خلال خدمته، فإنَّه أصبح رسولاً بعد ذلك بكثير، لكنَّه كرَّس نفسه لفعل إرادة الله أكثر من أيِّ شخص مضى.

هناك شيءٌ واحد يجب ملاحظته؛ أَلا وهو: لم يكُن هو الذي يعمل، بل نعمة الله. من الجيِّد قول نفس الشيء بخصوصك. لا يفضِّل الربُّ أحداً، لكنَّه يُكرم الذين يكرمونه. إذن، قمْ بعملك كما لو أنَّ كلَّ شيء يعتمد عليك فقط، مثل بولس! آمين؟

محبَّتي لكم في المسيحِ

د. ر. ر. سوارز