-
-
هُوَذَا الْمَدِينَةُ هذِهِ قَرِيبَةٌ لِلْهَرَبِ إِلَيْهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ. أَهْرُبُ إِلَى هُنَاكَ. أَلَيْسَتْ هِيَ صَغِيرَةً؟ فَتَحْيَا نَفْسِي» (تكوين20:19)
لا يُمكن لقلبِ الإنسان أن يتجدَّدَ إلّا بيسوع المَسيح الذي مات في الجُلجثة. قبل موت المَسيح، كان من المُستحيل أن يتغيَّرَ. أرادَ لوطٌ الاستفادة من كلِّ شيء دائمًا. في البداية تبع عمَّه إبراهيم وتعلَّمَ كيف يفاوضه. ولا شكَّ أنّ لوطاً تعلَّمَ دروسًا كثيرة جعلته يطلب رضا الربّ ويتحدَّث عنه. ولكن لم يكن لديه خوفُ الربّ.
كان ابنُ أخ إبراهيم مهووسًا بالغنى والسُّهولة والرّاحة. كان يرى دائمًا ما يعتقد أنَّ الآخرين (وخاصة الله) لا يرونه. مسكينٌ لوط! لقد كان مفاوضًا جيدًا، لكنَّه كان خادمًا سيّئًا. عندما نخدم العليَّ، فهو يهتم بكلِّ ما يتعلَّق بحياتنا. ولكن عندما لا نطلبه، فهو عمليًّا لا يستطيع أن يفعلَ أيَّ شيءٍ لنا. ولكن بسبب إبراهيم فقط أرسلَ الربُّ ملائكته لإنقاذ لوطٍ وعائلته.
لقد كان لوطٌ جريئاً بما فيه الكفاية ليقدِّم حلاً لإلهٍ كلّي العِلم والقدرة. المحادثة التي دارت بينه وبين الملاك عند خروجه من سدوم تكشفُ هذا: أنّه كان خبيرًا في المفاوضات، وبعد الإصرار مع رسُل السَّماء سُمح له أن يعيش في المدينة التي اقترحها. ومع ذلك، لم يعترفْ لوطٌ أنَّ ذلك كان إذناً بسبب مضايقته، وليس تغييرًا في خططِ العلي. وباعتباره مفاوضِاً سيّئاً، لم يكن يعرف ما الذي سيأتي من خلال هذا "النّصر". الرَّحمة يا ربُّ.
يمكن أن تكون استراتيجيته منطقيّة، لكنها لم تأتِ من الرُّوح القدس. وهكذا، لم يكن لوطٌ مستعدًا لإطاعة مشيئة الخالق، ولم يأمر زوجته بأخذِ التّوجيهات الإلهيّة على مَحمل الجدّ. كما أنّه لم يأمر بناته باختيارِ أزواج مُخلصين وأتقياء. وابنتيه كانتا مجنونتين، فأصبح ذلك عارًا للوط. أمّا الأبناء الذين وُلدوا له من سُفاح القربى فكانوا شهادة سيِّئةٍ.
إنَّ منطق الإنسان جسديٌّ وعديم الفائدة كما قالَ يسوعُ. هناك الكثيرون في الكنيسة ينتظرون فرصةً لارتكابِ الخطيئة، أو فعلٍ خاطئٍ يجلب لهم الرِّبح أو المتعة. إنّ ذاك وصمةُ عارٍ في خدمة الإنجيل. وأخطاؤهم تقود الكثيرين إلى ازدراء الربّ. ما معنى النَّجاح في هذا العالم، إذا كنتَ عثرةً في العالم الرُّوحي؟ ويلٌ للذي تأتي العثرة به.
تجادلَ لوطٌ مع رسُل العليّ قائلاً إنه لا يسكن في الجبال. ثم أصرَّ على إظهار المدينة الصَّغيرة التي يريدُ الذّهاب إليها، وزعم أنه سيعيشُ هناك بشكلٍ لائقٍ. لم يعامل رسُل الله الحقيقي معاملة حسنَةً. من هو لوطٌ ليخبر العليَّ ماذا يفعل؟ ولكن بسبب عناده حصل على إذن بالعيش في تلك المنطقة الصَّغيرة. وكانت هذه إرادة الله المسموح بها. ثم حملتْ ابنتاهُ منه في تلك المدينة. يا للعَار!
يقول الكتابُ المقدَّسُ أنَّ الذين ينقادون بروح الله هم أبناءُ الله. وبما أنَّ جشَع لوط قاده إلى الحصولِ على تصريح للعيش في تلك المدينة الصَّغيرة، فقد تمكَّنَ الشَّيطانُ من تجربتهِ بسُفاح القربى. وهكذا وُلد موآب وعمّون، الذين صارا أمَّتين جلبتا الأذى لإسرائيل. هل كانَ ذكاءُ لوطٍ مفيداً؟
محبتي لكم في المسيح
د.ر.ر. سوارز