-
-
أَنَا غَرِيبٌ وَنَزِيلٌ عِنْدَكُمْ. أَعْطُونِي مُلْكَ قَبْرٍ مَعَكُمْ لأَدْفِنَ مَيْتِي مِنْ أَمَامِي» (تكوين4:23)
على الرُّغم من أنَّ إبراهيم أصبح قويًا، إلَّا أنّه تصرَّفَ
بحكمة، واحترم شعبَ الأرض التي تغرَّبَ فيها. وهذا ينبغي أن يكون موقفُ كلِّ خادمٍ لله. ولكن في عدَّة مناسباتٍ، يفتخرُ أولئك الّذين يُستخدَمون في العملِ الإلهي ويعتبرونَ أنفسهم أفضل من جيرانهم. والآن، يجب أن يكونَ القائدُ خادمًا للآخرين. وفي كثير من الأحيان، من أجل مصلحة الشَّخص، لا يستخدمه الربُّ كما يجب.
عندما ماتتْ سارةُ ذهبَ إبراهيمُ إلى أملاكِ تلك المنطقة ليشتري مكانًا للدَّفن. يجب أن يكون لدينا إرشادُ العليِّ في كلّ شيء، حتى في الدفنّ. وقد يعترض قائلٌ ويقول: «يجب أن يُدفن الميتُ أينما كان». من المؤكد أنَّ الجسَد دون حياة لا فائدة منه، ولكن يجب تمجيدُ الله في كلّ شيءٍ. تخيّل لو أنَّ أليشع دُفن في المكان الخطأ، لَما قامٌ إنسانٌ من الموتِ (2ملوك 13: 21).
كان إبراهيمُ بعيدًا عن سارة عندما ماتت بحسبِ السِّجل الكتابي، ربما كان يعتني بأعمال العائلة. لا يستطيع الجميعُ أن يكونوا بالقرب من زوجاتهم في يوم وفاتهم، وهو ما سيكون مثاليًا. أمَّا الموت فلا يمكن تجنُّبه، لأنه كما قالَ داود هو طريق كلّ الأرض (1 مل 2: 2). والصَّواب هو أن نعيش دائمًا على أهبة الاستعداد، فنحن لا نعرف اليوم ولا الوقت، وعندما يأتي فلا يوجد ما يمكن أن يوقفه أو يؤجّله. عزيزٌ في عينيّ الربِّ موتَ أتقيائهِ (مز 116: 15).
كلَّمَ إبراهيمُ بَنِي حِثَّ عن مكانٍ لدفنِ سارَة. وكإجابة له قالوا أنَّه رَئِيسٌ مِنَ اللهِ بَيْنَهم، وسوفَ يبيعون أيَّ مكانٍ يختاره للدَّفنِ. أمرٌ هامٌّ أن تكون لديك شهادة حسَنة عندَ الذين هم خارج الإيمان، ومع الذين في بيت الله. إنه لمن دواعي السُّرور أن يميّزنا الضَّالون كخدّامٍ للربّ، كي يأتوا إلينا كلَّما احتاجوا المساعدة، وسنقوم بمساعدتهم. يجب أن يكون المُخلَّصون دائمًا في شركة مع العليّ.
عندما سمع أنه حرٌّ في اختيار مكانِ الدَّفنِ الذي يُريده، انحنى إبراهيمُ أمامَهم جميعًا وسألهم إن كان يُسمح له بدفن سارة في عِفْرُونَ مَغَارَةَ الْمَكْفِيلَةِ، لأنّه سيدفع الثَّمنَ المُستحقّ. لا تقبل أن تأخذَ مجاناً شيئاً تحتاجه، لأنَّ سلعة غيرك قد كلَّفته دمَاً وعرقاً، ومن حقّه أن يُكافأ. علاوة على ذلك، لم يكن يريد الحصول على عملٍ مجاني من أصدقائهِ وإخوته. بالنِّهاية يجب أن يحصلوا على أجرةِ تعبِهم.
أعطى عِفْرُونَ الثَّمَن، رغمَ أنه قال لا حاجة للدَّفع فيما بينهم. حتى لو أصرّ عليك الناسُ أن تأخذ شيئًا مجانًا، فاجتهِد أن تدفعَ لهم، لأنَّ العطاء مغبوطٌ أكثر من الأخذ (أعمال الرسل 20: 35). إذا كان لأخيك مطعم، فافعل كلَّ شيء حتى يقبل ثمنَ طعامَه. بالتأكيد، يجب أن تكون بركة لهُ وليس عبئاً. عندما نتمّمُ الكلمة، يكافئنا الربُّ بما هو مكتوبٌ فيها.
وزنَ إبراهيمُ الفضّة ودفعَ الثَّمن. وهكذا حصلَ على تلك الممتلكات القريبة من حَبرون، والتي تعرَّضت للانتهاك المؤسف قبل بضع سنواتٍ في ثورات تلك المنطقة. إنَّ الدُّروس التي نتعلَّمها اليوم في الكتاب المقدَّس لها قيمة كبيرة اليوم وإلى الأبد. يجب أن نعيشَ على كلِّ كلمة تأتي من فم الله. هللويا وآمين؟
محبتي لكم في المسيح
د.ر.ر. سوارز