-
-
وَأَمَّا رِفْقَةُ فَكَلمتْ يَعْقُوبَ ابْنِهَا قَائِلةً: «إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ أَبَاكَ يُكَلِّمُ عِيسُوَ أَخَاكَ قَائِلاً: (التكوين ٢٧: ٦)
قال اللهُ لرفقة إنَّها حُبلى بتوأمٍ وإنَّها ستلدُ أمَّتَين، وكان ذلك عند سؤالها الربِّ عن سببِ الصِّراع الذي في بطنها. وقد علمت بأنَّ الأكبر يُستعبَد للأصغر. لا بدَّ أنَّ هذا الأمر حرَّك مشاعرها، لكن لماذا لم يمنع الربُّ ولادة هذا التوأم منذ ذلك الحين عن ناظرنا؛ لأنَّ الضَّرورة الوحيدة هي الشَّخص الذي سيأتي منه المخلِّص. سنعلم كلَّ شيء يوماً ما!
يجب أن نطلب إرشادَ الربِّ ومشورته وحكمته عندما نقلق بشأن أمرٍ معيَّن. فإنَّ الربَّ وحده يقدر أن يرينا ما يكمنُ وراء كلِّ موقفٍ، لأنَّه يعلم كلَّ شيء. ليس هناك شيء أفضل من الاستماع منه عن تفسيرات لمشكلاتنا، وسنعرف من خلال هذه الإجابات كيف يمكننا أن نتحمل في أيِّ ظرف. كما يمكننا أيضاً السَّير بدون التعثُّر في المعرقلات والعقبات عندما يكون الطريق منيراً أمامنا، لكنْ إن سِرنا في الظلمة فلن نقدر أن نطيعَ مشيئة الآب.
فهمت رفقة واتَّخذت من هذا الوحي إعلاناً من القدير: يكونُ الأكبر مُستعبداً للأصغر. لذلك كان لا بدَّ أن تبقى متيقِّظة للأحداث الّلاحقة، لأنَّ كلام الله لا يسقط وسيتم فداء البشريَّة. ولا يمكننا أن نتخيَّل كم يخطأ الشَّخص عندما يعصى الوصايا، أو عندما لا يلاحظ إرشادات العليّ! فلو أنَّني رفضت دعوتي وذهبتُ إلى موسكو لدراسة الطبِّ، لهلكتْ ملايين النّفوس! إنَّه أمر خطير حقاً!
ينبغي أن يحقِّق الله خططه ومقاصده، وإلَّا كيف يمكن للنّاس الوثوق به؟ لكن إن فشلت تلك الأخيرة، فإنَّ هذه الكلمة لن تستحقَّ الاهتمام. لقد وضعت رفقة محبَّة الله أولاً وفوق كلِّ شيء، حتَّى لو أنَّها ستتعرَّض للانتقاد من الآخرين، لكنَّها لن تكترث لذلك. كذلك فعل بطرس بقوله للقادة والكتبة بأنَّه ينبغي أن يُطاع الله أكثر من الناس (أعمال ارسل ٢٩:٥). إذن، اِختر محبَّة الربِّ وسيحبُّك الآبُ والابنُ، وستكون المكافأة هائلة! آمين؟
كان إسحاق متقدِّماً في الأيام ولا بدَّ له أن ينقل بركته إلى خليفته، لكنْ إن كان هناك خلاف في بطن رفقة وتغلَّب عيسو على يعقوب وُولد أولاً، هل سيكون الأكبر مباركاً؟ ستكونُ البركة له في نظر الناس، لكنَّ يعقوب هو الذي تمَّت غلبته في رحم أمّه، وعلم كيف يتعامل مع الوضع واشترى البكوريَّة من أخيه المُستبيح. كان الأب يميل إلى تفضيلِ عيسو، خاصَّة لأنَّه كان صياداً وطالما كافأ أباه. وكان على يعقوب أن يكون ذكيّاً وحريصاً وسريعاً للانتصار!
شعرت رفقة بحلول الوقت لتأكيد "الحقِّ"، لذلك دبَّرت أمر يعقوب قبل أن يحصل عيسو على بركة أبي المؤمنين. فلا ينبغي أن نحكم إنْ كان ما فعلته صحيح أو خاطئ، لكنَّ الأحداث اللاحقة أثبتت بأنَّ يعقوب هو الذي اختاره الربُّ. لذا، إنْ كنت تعرف مشيئة الله ولا تحرِّك ساكناً للانتصار؛ فيمكنك حينئذٍ أن تتحمَّل هلاك أحدهم.
كان على عيسو أن يدرك أنَّه باع بكوريَّته ليعقوب وخسرها، وكان لا بدَّ أن يحافظ على كلمته مهما كلَّفه الأمر. كان فداء البشريَّة على المحك، لكنَّ الله حقَّق وعده بسبب قرار رفقة.
محبَّتي لكم في المسيحِ
د. ر. ر. سوارز