رسالة اليوم

17/11/2024 - سخطُ عيسو

-

-


فَقَالَ عيسو: «أَلاَ إِنَّ اسْمَهُ دُعِيَ يَعْقُوبَ، فَقَدْ تَعَقَّبَنِي الآنَ مَرَّتَيْنِ! أَخَذَ بَكُورِيَّتِي، وَهُوَذَا الآنَ قَدْ أَخَذَ بَرَكَتِي». ثُمَّ قَالَ: «أَمَا أَبْقَيْتَ لِي بَرَكَةً؟» (التكوين ٢٧: ٣٦)

كان لا بدَّ أن يتعلَّم عيسو ألّا يهمل ما يقدِّمه الربُّ وأن يطلب المزيد والمزيد من الإرشادات الإلهيَّة. وهكذا، سيتمُّ الحصول على البركة وفهمها بالكامل. فهو لم يكُن مجبراً أو ملزماً ببيع بكوريَّته، وعلى الرَّغم من أنَّ السَّعر كان منخفضاً، فقد تمَّ عقد الصَّفقة ولذا كان عليه أن يوافق. لذلك، يجب أن يلتزم كلُّ الذين يخدمون الله بكلامهم عندما يعِدون بشيء ما، حتى في التّضحية الشخصيَّة؛ ومع ذلك، لم يظهر موقفُ أخي يعقوب أيِّ احترام للحقيقة.

احتقر عيسو قيمة البكوريّة عندما باعَ حقوقه مقابل طبقٍ من الحساء الأحمر. وهذا هو الثَّمن الذي اعتقد أنَّه عادل، وإذا كان جبلاً من الذَّهب، فسيظلُّ يحتقرها بنفس الطريقة. فكان على عيسو أن يدرك أنَّ يعقوب كان عادلاً. أعطى ابنُ إسحاق المفضّل عند التَّفاوض على بركته يعقوبَ الحقَّ والقدرة على القتال للحفاظ عليه وكسب كلَّ البركات المتأصِّلة في البكوريّة. فمن الخطأ إعطاء كلمةٍ وبعد ذلك لا تريد الوفاء بها.

لا ينبغي لأحدٍ أن يتباهى بما ناله، لأنَّه إذا لم يحذر، فقد يأخذ الآخرون إكليله (رؤيا يوحنا ١١:٣). هناكَ حقيقة أخرى مهمَّة هي أنَّ الذين لا يتصرَّفون وفقاً للكلمة ليسوا مستقيمين أمام الربِّ. لأنَّ عطايا الله لا رجعة فيها، ولا يجب أن يتعرَّض عمله للخسارة بسبب شخص مهملٍ. فكُن حذراً وراسخاً وصلِّ دائماً لفهم الغرض من البركات التي تنالها والمحافظة عليها. كان غضب عيسو في حالته غير مُبرَّر.

ازدادَ خوف يعقوب عندما جاء اليوم لإسحاق لنقل بركة إبراهيم، فقد كانت المسألة حسَّاسة للغاية. فإنَّه وُلِد ويده على عقب أخيه، لذلك أطلقوا عليه اسم يعقوب (المزاحم)، لكنَّ خوف الله في قلبه جعله يتحرَّك وكان على والدته أن تشجِّعه. لدينا مثال من خلال تصرُّف رفقة على ما يفعله الروح القدس معنا، لأنَّنا عادةً ما نتنازل أو نتعثَّر أمام الفرص ولكنَّ الربَّ يشجِّعنا!

يجب على الذين يأخذون كلمات عيسو على أنَّها حقيقيَّة أن يفكِّروا ويتأمَّلوا ويعيدوا النَّظر، لأنَّه كرجلٍ لم يخف الله. حتى أنَّ والد عيسو نفسه لم يعلن أنَّ يعقوب قد سرق حقاً بكوريّة أخيه ولكنَّه تصرَّف بحذرٍ. وأعتقدُ أنَّه حتى عيسو ربَّما وافق في لحظة غضب لكنَّه توصّل لاحقاً إلى نتيجة مختلفة. وبعد سنواتٍ عديدة، بكى عند لقاء يعقوب وهو يحتضن أخيه. لا تدِن أبداً خادم الله.

ليس من الجيِّد أو الحكمة أبداً إدانة أيِّ شخص لأنَّه كما قال يسوع نفسه، لأَنَّكَ بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ. (متى ١٢: ٣٧). إضافة لذلك، لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا (متى ٧: ١)، وباركوا لكي تنالوا بركةً. لذا، يجب أن نلاحظ كلَّ ما يقوله الربُّ لأنَّه صحيح ولن يجلب لنا أبداً إدانات أو لعنات؛ بل سوف يحمينا من العدوِّ. في حالةِ يعقوب وعيسو، إذا قال الله إنَّ الأكبر يُستعبد للأصغر فمن يقدر أن يقول خلاف ذلك؟

إذن، افحص كلَّ ما قاله لك الربُّ لأنَّه ضمان لك. و"اجْتَهِدْ أَنْ تُقِيمَ نَفْسَكَ ِللهِ مُزَكُى، عَامِلاً لاَ يُخْزَى." (٢ تيموثاوس ٢: ١٥). ثمَّ حدثَ ما قاله الله بشأن يعقوب قبل أن يُولد، وهكذا سيحدث في حياتك. صدِّق ذلك!

محبَّتي لكم في المسيحِ

د. ر. ر. سوارز