-
-
فَلَمَّا رَأَى عِيسُو أَنَّ إِسْحَاقَ بَارَكَ يَعْقُوبَ وَأَرْسَلَهُ إِلَى فَدَّانِ أَرَامَ لِيَأْخُذَ لِنَفْسِهِ مِنْ هُنَاكَ زَوْجَةً، إِذْ بَارَكَهُ وَأَوْصَاهُ قَائِلاً: «لاَ تَأْخُذْ زَوْجَةً مِنْ بَنَاتِ كَنْعَانَ». (التكوين ٢٨: ٦)
أظهر عيسو شخصيَّته السلبيَّة عندَ رؤيته إطاعة أخيه لوالديهما بالذَّهاب إلى فدَّان أرام. وقد نالَ يعقوب بركة إبراهيم، وبالتالي يجب عليه أن يحذر جداً من ألَّا يحيد عن خطَّة الله، وحاول عيسو أكثرَ لمضايقةِ والديه. وبلا شكٍّ، ليست هذه هي طبيعة شخصٍ يمتلكُ مسحة القدير. كذلك ستُظهر لنا الأحداثُ اللاحقة بأنَّ رفقة كانت محقّة بإيمانها بما قاله الربُّ لها وبمساعدتها لابنها الأصغر.
اكتشف عيسو لاحقاً بأنَّ أبيه أرسل يعقوب إلى بيتِ خالهما ليتَّخذ لنفسه زوجةً، لأنَّ بنات كنعان لم يكُنَّ مناسباتٍ بنظر إسحاق. وقِيل إنَّ عيسو قرَّر أن يفعل كلَّ ما يُمكن لمضايقة والديه، بالإضافةِ إلى كونِ زوجاته شكَّلنَ مصدر حزن وعار للعائلة، فأخذ مَحْلة، بنتَ عمِّه إسماعيل، سالكاً طريقاً خاطئاً (الآية ٩). هل يمكنه لشخصٍ كهذا أن يكون سلفاً ليسوع بتصرُّفه بهذه الطريقة؟ إذن، لا يستخدمُ الله الذين لا يصغون إلى كلمته.
لا يبارك الله الذين يريدون أن يتباركوا فقط، بل الذين يريدون أن يطيعوه ويخدموه من خلال إطاعة أمره. والأكثرُ من ذلك، لا يتعامل العليُّ إلَّا في الطرق المقدَّسة حتى لو صلّى الشخص بكلِّ قدرته وصامَ وأعطى عطايا كثيرة وتقدماتٍ لعمل الربِّ. يفتح الإيمان البابَ للشخص ليستقبل البركات، ولا يتمُّ الأمر من خلال الرَّغبة العميقة التي يمتلكها ذلك الشخص؛ بل من خلال الإصغاء إلى كلمة الله وطاعتها (رومية ١٧:١٠) هللويا!
ليس من الصَّعب السَّير مع الله، لكن أن تتمَّ الرحلة بأمانة وخوف الربِّ. لكنَّ الذين لا يطيعون المعايير الكتابيَّة ولا يهتمّون بما يقولون أو يفعلون، فلن يقدروا أن يسرّوا الآب السَّماوي. يوضِّح العهد الجديد هذا الأمر بالقول: "وَلكِنْ بِدُونِ إِيمَانٍ لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ، لأَنَّهُ يَجِبُ أَنَّ الَّذِي يَأْتِي إِلَى اللهِ يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ، وَأَنَّهُ يُجَازِي الَّذِينَ يَطْلُبُونَهُ. (العبرانيين ١١: ٦) آمين!
نقرأ القليلَ عن عيسو بعد هذا التصرُّف غير المسؤول، وبالمقابل لقد كُتبت قصَّة جميلة عن يعقوب. فقد كانت رحلته إلى فدَّان أرام مليئة بالأحداث الرَّائعة. هناك على سبيلِ المثال سمع من الربِّ ورأى ملائكةً طالعة ونازلة على سلُّم من السَّماء. ويمكننا أن نلاحظ بذلك بأنَّ خطواته كانت موجَّهة من السَّماء لأنَّه كان دائماً في المكان المناسب. وهكذا، يتمُّ نسيان كلُّ الذين لا يأتون إلى العلي ولا يفعلون مشيئته.
حاولْ أن تصلَ إلى معايير خادم الله التي تجلّت في يسوع كما ورَد في الكتاب المقدَّس، وإلَّا لن تكون واقفاً عن يمين الله عند نهاية الأزمنة. بالتأكيد، يستحقُّ الأمر فعل ما يسرُّ الآب وليس رغبات الإنسان. فلا تنسَق بالتصرُّف بحسب مشاعرك، بل بالإيمان. لذا، يجب على الذين استناروا برسالة الإنجيل أن يكونوا أقوياء في الإيمان وألَّا يصدِّقوا أيّاً من أكاذيب إبليس. آمين؟
كان عيسو مصمِّماً على إثارة غضب أبيه وأمِّه، ولكن تمَّ اختيار يعقوب بناء على تصوُّره في بطن أمِّه، وبالتالي جعله الله خادماً له. لذلك لا تستند على أيِّ نوع من الخطيَّة، بل يجب أن تجهِّز نفسك إنْ كنت تريد أن تسرَّ الربَّ!
محبَّتي لكم في المسيحِ
د. ر. ر. سوارز