-
-
وَقَالَ يَهُوذَا لإِسْرَائِيلَ أَبِيهِ: «أَرْسِلِ الْغُلاَمَ مَعِي لِنَقُومَ وَنَذْهَبَ وَنَحْيَا وَلاَ نَمُوتَ، نَحْنُ وَأَنْتَ وَأَوْلاَدُنَا جَمِيعًا. (تكوين8:43)
نتَّخذ أصعبَ القرارات في الحياة عندما تبدو الأمور خارجة عن السّيطرة معتمدين على الوعد بأنَّ نسلنا سيكون مباركاً دائمًا، لكنّ بني إسرائيل تجاوزوا حدودَهم في أحيانٍ كثيرة، بل وباعوا أخاهم الذي سيُعدّه الربُّ لمهمَّة عظيمة. وهكذا كذّبوا على أبيهم بعد فعلتهم الرَّديئة ببرودة قلب، ولم يُظهروا أيَّ تأثر أو تعاطف مع الحزن العميق لأبيهم يعقوب. أمرٌ لا يُصدَّق! مرَّت سنواتٌ وحافظ هؤلاء الرِّجال على تلك الكذبة.
لم يتخيَّل بنو إسرائيل أنَّ جوعَهم سيدفعهم إلى تحرير أنفسِهم من الشَّر الذي مارسوه ضدَّ أخيهم يوسُف، ولذلك عندما رأوا القائد المِصري يطلب حضور أخيهم الأصغر كادوا أن يفقدوا عقولهم. لماذا يستمرُّ يوسُف في هذا المنحى إذا كانت طلبتهم هي شراء القمح الذي كان لديه بكثرة؟ تحدثُ أشياءٌ كثيرة لتذكيرنا بالخطايا والشُّرور التي ارتكبناها ذاتَ يوم، كي نتصالحَ مع خالقِ الحياة.
هناك خطرٌ واحدٌ يُحيط بشعب الله وخدّامه: خداعُ النّفس بأن لا شيء يمكن أن يضرَّ بهم. ولذلك غالبًا ما يتصرَّف البعضُ مثل الضَّالين، وإذا لم تبكّته الرَّحمة الإلهيّة بخطيته، فإنه سيُحاسب تمامًا مثل الأشرار ويُدان. فنحن لم نُختار، ونُدعى، وننفصل كي نفعلَ الخطية، بل لنحيا في البرّ والقداسة. ولن يثبتَ رجاؤنا إلَّا إذا لم نخضع للشَّيطان. يجب أن نكون حذرين، ونسهر حتى لا نُدان.
كانت رحلة يعقوب في حياته على الأرض مليئة بالنَّجاحات والإخفاقات، لكن مثابرته في الإيمان بالله صنعتْ الفارق. يحدثُ الشَّيءُ نفسه دائمًا مع جميع الذين نالوا الخلاص. لأنّهم ما لم يواجهوا لحظاتٍ صعبة، فلا ينحنون لسيادة العليّ أبدًا، وبالتالي سيضلّون. لا تنخدع بالتّجارب والمِحَن التي قد تظهر أمامك؛ إنَّها جزءٌ من التعاليم والدُّروس التي يقدّمها سيِّد الأسياد. انظر باستمرار وثباتٍ إلى يسوع.
بغضِّ النظر عمَّا حدث لك، هناك طريقة واحدة فقط للهروب من الشيطان: ابحثْ عن ملجأك في الربّ! يستخدم الخصمُ كلَّ الطرق الممكنة لإبعادنا عن مركزنا في المسيح؛ من إغواءٍ أخلاقي إلى مشكلة تبدو غير قابلة للحلّ. فلا تكفَّ أبدًا عن طلب القداسة، طالبًا إيّاها من كلِّ قلبك، ولا عن طلب الشِّفاء من مرضٍ عضال لا علاج له. إعلانات ووعود الآب السَّماوي حقيقية وأمينة.
عندما وقع الإخوة الخونة في حالةٍ من اليأس – في ذروة المجاعة، لم يكن هناك سوى شيءٌ واحدٌ للقيام به: الذهابُ إلى مِصر. لقد أجمعوا على أنَّ هناك خيارًا واحدًا فقط للبقاء على قيد الحياة، وهو أن يخضعوا للرَّجل الحكيم الذي كان في موقع السُّلطة. في الواقع، كانت هذه الأحداث جزءًا من خطة الله القدير لقيادة هؤلاء الرِّجال إلى التّوبة. وإذا لم يفعلوا ما هو مطلوب منهم فسوف يسقطون في الظلمة ويكابدون العذاب إلى الأبد. استمِع لِما يقوله لك الربُّ وأطِعهُ.
عندما علِموا أنَّ شقيقهم يوسُف كان أقوى شخصٍ في مِصرَ - الأخ الذي باعوه للعبودية - استنتج هؤلاء الرِّجال أنَّ الله عادلٌ. نظروا إلى بعضِهم وأدركوا الشَّر الذي ارتكبوه. ورغم ذلك، بدلاً من العقاب الذي استحقوه، نالوا محبّة الربّ الخالِصة. (١ يوحنا ٤: ٨) هكذا يعاملك ويُريد أن يباركك. آمين
محبتي لكم في المسيح
د.ر.ر. سوارز