-
-
"إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ"
(رسالة يوحنا الأولى 1: 9).
تَفصُلنا الخَطايا عنْ الرَّبِّ، ولِذلكَ فهي أسَوأ مِن الأمَراضِ. وفي الوَاقعِ، هي تَحجبُ وجَه الرَّبِّ، عنّا وتَمنعهُ من الإستماع الينا(إشعياء 59: 2). أمَّا الأمَراضُ، فَمرّاتٍ عَديدةٍ تَقودُ البَشر للتَقربِ مِن الرَّبِّ العلّي، لأنّ كَثيرينَ، في حَالةٍ الآلم، يَفتحونَ قُلبهم لهُ. وكما أن الرَّبَّ يَغفرُ الذُنوبَ هَكذا يَشفي الأمَراضَ أيضاً.
فلا يَكفي أن تَشعرَ بِأنكَ أخَطأتَ، وتَصبحُ حَزيناً وتَقولُ لِنفسكَ بِأنكَ لنْ تُكرّرَ هَذا الخَطأ. فَيجبُ أن تَعترفَ بَالخطيئِة إلى الرَّبِّ وإلى الشَّخصِ الذي أخَطأتَ إليهِ. فمثلاً، إذا سَرقَ مُوظفٌ ما مَبلغ مَالي من دُرجِ صَاحبِ العَملِ، فَيجبُ عَليهِ أن لا يَشُعر فَقط بِالحُزنِ والنَدمِ على ما فَعل، لكنهُ بِحاجةٍ أيضاً لأن َيفتحً قلبهُ ويُصلحَ أمُورهُ مع صَاحبِ العَمل ومَع الرَّبِّ الإلهِ. فقدْ عَلمنَا يَسوعَ أنّ مِثل هَذا الشَّخصِ يَجبُ أن يفعل بحسب الآية: اتْرُكْ تَقْدِمَتَكَ أَمَامَ الْمَذْبَحِ، وَاذْهَبْ أَوَّلاً وَصَالِحْ أَخَاكَ، ثُمَّ ارْجِعْ وَقَدِّمْ تَقْدِمَتَكَ سَارِعْ إِلَى اسْتِرْضَاءِ خَصْمِكَ وَأَنْتَ مَعَهُ فِي الطَّرِيقِ إِلَى الْمَحْكَمَةِ، قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَكَ الْخَصْمُ إِلَى الْقَاضِي، فَيُسَلِّمَكَ الْقَاضِي إِلَى الشُّرَطِيِّ، فَيُلْقِيَكَ فِي السِّجْنِ. (متى 5: 23، 24). وعلى سَبيلِ المِثالِ، لا يَكفي على المَريض أن يَرغبَ بالشَفاء، فهو يَحتاجُ للذهابِ إلى الرَّبِّ ويُصلي بِإيمان ويَقومُ بِتنفيذِ إرشاداتِ الكِتابِ المُقدّسِ فِيما يَتعلّق بَالشّفاءِ.
ومَنْ يَعترفُ يَحصلُ على الغُفرانِ. حَتى لو كَانَ الضَحيةِ يَرفضُ الغُفران لِمنْ اعتدى، الذي أقرَّ واِعترفَ بَالذنبِ، ويُعتبرُ هَذا الشَّخص مَغفوراً لهُ، لأنهُ قَام بِتنفيذِ كَلمةِ الرَّبِّ. صَحيح أنّ الآب آمينٌ وعَادل ليَغفرَ لمن أسَاء إليهِ، ولكنْ يَجبُ تَسويةِ الأمُورِ مَع الإنْسان ومَعَ الرَّبِّ أيضاً، لأنّ كُلَّ كَذبٍ هو ضِدَّ الحَقيقةِ، وكُلُّ خِيانةٍ هي ضِدَّ القَداسةِ.
ولْيس للإنسان قُدرةٌ في ذَاتهِ ليَغفرَ لنَفسهِ جَميعَ خَطاياه، ولكنَّ الله يُعلنُ أنهُ سَوفَ يَغفرُ الخَطايَا لمن يَعترفُ بِها لهُ. وليْس للإنسانِ قُدرةً على شِفاءِ نَفسهِ، ولكنَّ الرَّبِّ قدْ أعَطاهُ الشِفاءُ. فَهو آمينٌ وعَادل لكي يَغفرَ لنَا خَطايَانا، ويَشفي أمَراضنَا ويُحرّرُ المَظلومينَ. وعِندمَا يَعملُ الرَّبِ العليّ، يَبقى عَملهُ ثَابتٌ مَدَى الدَّهْرِ وَالأَبَد (سفر المزامير 111: 7، 8). فَهو يُطهرهُ مِن كُلِّ ظُلمٍ. ولن يَعُد هُناك ذِكر لسِجلِ أعَمالهِ السَّيئةِ، ويَنزعُ الرَّبُّ من روحِهِ القُدرةَ الشَّيْطانيةِ التي تَجعلهُ يَعودُ للخَطيئةِ. ومِثلُ ذَلكَ الشَّخصُ الذي يَعودُ لمُمارسةِ الخطيئة، إن لمْ يَبقَ رَاسخاً في كَلمةِ الرَّبِّ. ويَحدثُ نَفسَ الشّيءِ مع مَنْ يُحرّره الرَّبُّ - فَبِالْحَقِيقَةِ يَكُونُ حْرَّاً (يوحنا 8: 36).
إذاً لا دَينُونَةَ الآنَ عَلَى مَنْ هُمْ فِي المَسِيحِ يَسُوعَ (رومية 8: 1). و لا يَستطيعُ العدوُّ بَعْدُ بأن يُطالبَ بِسيادتهِ على حَياةِ ذَلك الذي اِستعادَ الشَّركةَ مَع الله، فَهو لا يَستطيَعُ ذَلك. ومن هُم خَليقةٌ جَديدةٌ، اِنتهت العُبوديةِ إلى الأبدِ (رسالة كورنثوس الثانية 5: 17). ويُمكنُ أن نَقولَ نَفسَ الشَّيء للشّخص الذي اِستعادَ صِحّتِهِ ونَال الشّفاءَ من الرَّبٍّ الإله، لأنّ الجَحيم فَقدَ قُدرةِ عَلى مُضايقته بِذلك الشّرّ. ربَمًا يُحاولُ بِشرورٍ أُخرى، ولكِنْ، إذا الشَخص رَفضَ، فالشّيطان لا يَستطيعُ أن يَفعل شَيئاً بَعد ضِدَّ الذي يَكونُ رَاسخاً في الإيمانِ.
محبتي لم في المسيح
د. سوارز