-
-
"لأَنَّ يَسُوعَ نَفْسَهُ شَهِدَ أَنْ: لَيْسَ لِنَبِيٍّ كَرَامَةٌ فِي وَطَنِهِ" (يوحنا 4: 44).
النَّبيُّ هو شَخصٌ يدعُوه الرَّبّ لكي يَكونَ جُزءً من الخِدمة الإلهية. لأنهُ حَساسٌ جداً لصوتِ الله، يَستلمُ الرِّسالةَ من الله ويُسلّمُها للشعب. وإلى جَانبِ ذَلك، كَخادمٍ للرَّبِّ سُبحانهُ، يكون مَدعوم بِالقدرةٍ الإلهيةِ ويَعملُ بِإخلاصٍ، لأنّ مَعهُ الرَّبِّ الأمين وهو بِجانبهِ ليُؤكد لهُ كَلمتهُ، وهو يَعلمُ أن السَّماء وراءَ دَعوتهِ. وفي بَعضِ الحالات، يَستخدمهُ الرَّبِّ أيضاً لتَوبيخِ أولئك الذين يَرفضونَ تَنفيذ العَملِ الذي كلفهُم بهِ.
يَقولُ الإنجيل أنّ يَسوعَ نفسهُ شَهِد. وكلُّ شَهادتهِ التي قَدمهَا يجبُ أن تُؤخذ على مَحملِ الجدّ، وبِاختصار، فَهو لمْ، ولنْ يَقُول شَيئاً ليْس حَقيقةً قاطعةً. لِذلك، بِما أن المُعلم قَال هَذا الكلام، لا يَنبغي أن يَتوقعَ أيُّ نبي أن يجد كَرَامَةً فِي وَطَنِهِ. فَهذا قَانونٌ رُوحي لنْ يَبطُل ولن يَتغير أبداً. لذلك، ليكُنْ مَعلوماً لكلِّ المَدعوينَ إلى هَذهِ الخِدمةِ أنهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ كَرَامَةٌ فِي وَطَنِهِ. لستُ أعلمُ إن كان الرَّبُّ يَسمح بذلك، أو أنهُ شَيءٌ يَفعلهُ النَاس بسببِ الحَسدِ. إنما الشيءُ المُؤكدِ أن الأنبياءَ يَجبُ أن يَتوقعوا بِأنهم سَيكونونَ مُكرمينَ وسَط أولئك الذينَ ليسوا من أهلِ مَدينتِهم. تَقدير رجُل الله يَنبغي أن يأتي منَّ الرَّبِّ فقط - وهَذا سَيحدثُ بَعيداً عنْ أقربائهِ وعن أهلِ وطنهِ.
يَتساءل الكثيرونَ: "مَاذا يَجبُ أن يَفعل نَبياً بلا كَرامة؟". يجبُ أن يَستمرّ في المُهمةِ التي كلفهُ بها الرَّبّ سُبحانهُ: كإنجازِ العَملِ الإلهي ومُواصلةِ الحَديثِ عنْ مَحبةِ الآب - بِغضِّ النظرِ عنْ عَدمِ إكرامهِ أو اضطهادهِ - لأنهُ في يومٍ مَا، سَينالُ التتويجَ من القَاضي العَادلِ، وحَتى تَأتي تِلك اللحظة، يَجبُ على من دَعاهُم الرَّبُّ، مُواصلة القِيامِ بِخدمتِهم، دُون اِنتظارِ مَجدٍ أو مُكافأةٍ من أي شَخصٍ آخر.
سَيُكرِمُ الآب النَّبي، وهَذا يَعني أنهُ يَنبغي أن يُعطي الآبَ كُلَّ المجدِ والكَرامةِ. والذي نَفذ أي شَيئاً من العَملِ الإلهي، ونَال عَليهِ المَدحَ والتَكريمَ، يَجبُ أن يُصلي أن لا يَقعَ في التجربةِ، لأنّ رُوح الإنسانِ يُمكنُ أن يَنتفخَ ويتكبر، وحينئذٍ، يَنفصل عنْ الرَّبَّ. في الواقع، الكثيرينَ من الذينَ قدْ اِستعملهُم الرَّبّ انقادوا بَعيد عَنْه بِسبب الغرورِ، وفقدوا مَكانتهم في يَسوع.
يجبُ أن تكونَ عَائلةُ خُدام الرَّبِّ العليّ مثل عَائلةِ يَسُوع، قال الرَّبُّ إنّ أمهُ واخوتِه هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا (لوقا 8: 21). يا إخوتي، يَبدو أنهُ شيء لا يُصدق، لأنهُ هُناك الأقرباء وأصدقاءُ الطُفولةِ الذينَ من المُمكن أن يُسببون لنا شَراً عَظيماً، إذا سَمحوا للشَّيْطان أن يَستعملهُم في مَدحِنا والثناءِ عَلينا، وهَذا يَجعلنُا نَعتقدُ أننا أفضلُ من أشخاصٍ آخرين. وهُناك أيضاً أولئِك الذينَ سوف يَكونونَ مُستعملينَ بَطريقةِ مُختلفةٍ تماماً، القائلين لنا أننا لا نُساوي شَيئاً، وأن خَدمتِنا من أجلِ المَنفعةِ الشَخصية. ولذلك، يُوجدِ شَخصٌ واحدٌ فِقط يَجبُ أن نَسمعهُ: هو الرَّبّ، لأنهُ لنْ يَقُودنَا إلى الخَطيئة، بلّ بالعكس سَوف يُؤكدُ لنا دَعوتنَا. ويَجبُ علينا أن نَحترمهُ ونَثقُ بهِ على كُل الاحَوال. والقِيام بِذلك هو أمر في غَايةِ الأهَميةِ لمن يُريدُ أن يَكونَ خَادماً مُباركاً.
محبتي لكم في المسيح
د. سوارز