-
-
"وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ الْعَالَمِ بَلِ الرُّوحَ الَّذِي مِنَ اللهِ لِنَعْرِفَ الأَشْيَاءَ الْمَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ اللهِ".(2 كورنثوس 2: 12)
يُعلنُ الإنجيلُ أننا لسَنا من رُوحِ هذا العالمِ، لكننَا مملوءينَ من الرُّوحِ القُدس الذي هو من الله. ولكِنْ، هُناك غَرضٌ إلهي لكي يَمنحنَا الله رُوحهُ – الذي هو نعمةٌ إلهيةٌ أخرى، أعطاهَا لنَا مَجاناً. ولا يَنبغي أن نُضيع ما يُعطيه لنا الآب، بل نسعى جَاهدينَ لمعرفَةِ عطاياه.
الرَّبُّ القديرُ لمْ يُعطينا رُوح الشكِ أو الفوضى أو ذَلك الذي يَحثنَا على ارتكابِ الخَطيئةِ. وبالإضافةِ إلى ذَلك، أبناءُ الرَّبِّ لا يجبُ أن يَكونُ سلبيينَ، لأن هَذهِ ليست الرُّوحُ التي مَنحنا إياها. ولا يَنبغي أيضاً أن يَكونوا أشرار أو يفرحوا بالأخبارِ السيئةِ. فنحنَ الآن مُختلفين، لأننَا حصلنَا على رُوحِ الرَّبِّ، الذي يَقودُنَا لنعيشَ الحياةَ التي تُرضيهِ.
أصبحَ الانسانُ فَارغاً عِندمَا أخطأ، وأمتلئ أيضاً بِالعيوبِ، وفي النهايةِ، لم يَعُد الله يَسكنُ في قلبهِ لفترةٍ طويلةٍ. وفي الواقعِ، لا المالُ ولا الشُهرةُ، ولا العائلةُ استطاعوا ملءَ هذا الفراغُ الذي تركهُ الرَّبُّ به. ولكِنْ، فقط بِعودتهِ إلى قُلوبنا نَجدُ أكتمالنا.
يملأنا اللهُ بِروحهِ القُدوس، عِندمَا نُؤمنُ بِخلاصهِ. وبَعد أن يَفعلَ ذَلك، يُعلنُ لنا أن لديهِ خِطةٌ رائعةٌ لحياتنا أكثرَ مِمَا نَتخيل: فهو يُريدُ أن نَكونَ قادرينَ على فِعلِ مشيئتهِ. وعِندمَا نَتعمدُ بالرُّوحِ القُدس، يُحققُ الرَّبُّ هدفهُ، بِنمونَا رُوحياً. فقد أعطانَا رُوحه لنعرفَ من خِلالهِ ما هو لنَا في المَسيحِ يسُوع. فيا أخي، خَلاصُنا هو أكثرُ من مُجردِ تغييرِ دِيانةٍ بأخرى؛ أنهُ يعني بأنهُ انْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ وَنَقَلَنَا الَى مَلَكُوتِ ابْنِ مَحَبَّتِهِ (كولوسي 1: 13).
بِحلولِ الرُّوحِ القُدسِ فينا، يَملأنا بالقوةِ للقيامِ بأعمالهِ، والاستمتاعِ بِكُلِّ ما أُعطيَّ لنَا مَجاناً في إبنهِ الحبيب. والأمرُ مَتروكٌ لنا الآن، إذ كُنا نُؤمنُ أم لا بمَا يقولهُ لنَا. لذلك، فمنَ الضروري أن نسعى لمعرفةِ كُلِّ مَا هو لنَا في يَسوعَ. نَحنُ لسنَا فقط خُطاة بَائسين قدْ غُفر لهُم، بل نَحنُ الآن أبناءٌ مَحبوبينَ بالتَّبَنِّي، فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ( رومية 8: 17). أعطانَا الآبُ كلَّ شيءٍ في ابنهِ، ويَجبُ أن لا نُضيع الوقت في مُحاولةِ الفهمِ؛ وإنما نَطلبُ الفهم من وحيِّ الرَّبِّ العليِّ، لأنهُ فِي هذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا (رومية 8: 37).
اِنتبه جَيداً: العطايا التي تَأتي من الله لا تُكلفنَا شيئاً؛ ولسنَا بحاجةٍ لأن نَفعل أي شَيئاً للحُصولِ عَليها – وعلينَا فقط قُبولهَا، والإيمانُ بما يَقولهُ الكتابُ المقدسُ. أما بَعض التعليمِ الديني الذي يَقولُ بِأننا نَحتاجُ لتقديمِ وعودٍ، وتَضحياتٍ وتَكفيرٍ عنْ الخطايا والقَصاصُ من أجلِ استحقاقِ النِعمةِ، فهذا تعليمٌ مرفوضٌ، وهو ليسَ من الإنْجيلِ ومُخالفٌ للوحيِّ الإلهيِ.
هُناكَ شيء مُهمٌ جداً يجب علينَا ألا نَفعلهُ: تبددُ الأشياءَ التي أُعطيت لنَا مَجاناً. فبالرُغمِ من أن هَذهِ العطايا لمْ تُكلفنَا قِرشاً، ولمْ نسعى إليهَا، ولكِنْ علينا قُبولهَا والتمتُع بها. فمن أجلِّ أن نَحصُل على كُلِّ تلكَ النِعمْ، ولكي نَستطيعَ فعلَ مشيئةِ الله أيضاً، ذَهبَ ابنهُ الحَبيبُ إلى الصَليبِ في الجُلجثةَ، ودَفعَ هُناكَ ثَمناً بَاهظاً جِداً. فأجعل لهذهِ التَضحيةِ قِيمةً في حَياتِك!
محبتي لكم في المسيح
د. سوارز