-
-
" فَرِّحْ نَفْسَ عَبْدِكَ، لأَنَّنِي إِلَيْكَ يَا رَبُّ أَرْفَعُ نَفْسِي."(مزمور 86: 4)
أولئكَ الذينَ يَنتصرونَ في المَعاركِ الرُّوحية يَعلمونَ جيداً أهميةَ الفرحِ. فإذا كُنت تَتذكر أي لحَظاتٍ تلقيتَ فيها بَركاتٍ من السَماء، سَترى أنهُ قبل حُصولكَ عليها كُنت مليءً بالفرحِ المُقدس. لمْ يَكُن صدفةً أن يَكتب المُرتل تِلكَ الآية. فلقدْ اكتشفَ الحقيقة، وذلك بِتوجيهٍ من الرُّوحِ القُدس، وسَجلها لنا في الكتابِ المُقدس. وهذهِ هي الطريقة التي يُريد الرَّبّ مِنك أن تَسعى بها إليهِ، لتحصُل على طلبكَ، حَيث أن أولئكَ الذين يَسعونَ إليهِ بأي طريقةٍ أخرى لنْ يَحصلوا على الخير الإلهي.
هُناك نَوعان من الفرح: الطبيعي، والذي يأتي من الله. فَالطبيعي لا فائدةَ مِنهُ لأجَسادنا. فالشخصُ الذي يعيشُ في مَرارةٍ دائمةٍ ويُحافظُ على الحُزن في خِدمتهِ لله ولسيدهِ، لا يُدرك أنهُ يُعطي الشَّيْطان فُرصةً لتعذيبهِ وإلحاق الأذى بهِ. لقد كان الكتابُ المُقدس مُحدداً جيداً حين قال أنهُ يجبُ أن نَخدمَ الرَّبَّ بفرحٍ. لأَنَّ الْمُعْطِيَ الْمَسْرُورَ يُحِبُّهُ اللهُ (2 كورنثوس 9: 7).
إن الرَّبَّ القدير هُو الوحيد الذي يُمكنهُ أن يَجعلنَا نَشعرُ بالفرحِ الحَقيقي. اِنهُ قادرٌ على أن يَجعلَ أروحنا تَفيضُ بِالفرحِ والشَبعِ الحَقيقي، وفَقط أولئك الذينَ يَسيرونَ معهُ جنباً إلى جَنب يُمكنهُم اِختبارُ ذَلك. أنهُ لغيرُ مُجديٍ أن نَسعى جَاهدينَ للحُصول على الأشياءِ إذا لم يَكُن لدينا الفرحُ الذي يُعطيهِ لنا الرَّبَّ. نَحنُ نعيشُ حَياةً جَميلةً. وخِدمتنَا للمسيحِ رَائعةً وشَركتنا مع أبانا هُو السببُ الحقيقي لسعادتنَا. فليسَ هُناك شيءٌ أفضلُ مِن أنْ تكونَ تلكَ الأنهارُ من الماءِ الحيِّ تجري دَاخلنَا لنتهللَ بِها فرحاً - وهَذا هو أقوى دَليل على أن الرَّبَّ العليِّ يسكُنُ فينَا.
إلا أن هَذا الفرحَ لا يُعطي لنَا بطريقةٍ عَشوائيةٍ. فهو يَأتي عِندما يَزورُ الرَّبّ يَسُوع قُلوبنَا ويَسكنُ فيه ويَملئه فَرحاً بِوجودهِ فيها. إن تلك اللحظةَ التي تَفيضُ فيها النَعمةُ بداخلنا، هو الوقتُ المُناسب لكي نُصلي ونُؤمن بِأننا سَننال مَا هو لنَا. قال يسوع اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي، وَالَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي، وَأَنَا أُحِبُّهُ، وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي (يوحنا 14: 21).
يَخدعُ الكثيرُ من النَاسِ أنفسهُم بِاعتقادهِم أنهُم خُدامٌ للرَّبِّ، وبذلك سَيحصلونَ على كُلّ ما يَحتاجونه. إن كونكَ خادمٌ للرَّبِّ هو بالتأكيد واحدةٌ من أفضلِ الأشياءِ التي يُمكنُ أن تَحدثُ لأي شخصٍ، ولكن، يَجبُ علينا أن لا نَحتقرَ أي من الوصَايا الإلهية. وعَلينا أن نفعلَ مشيئةَ القديرِ مِن كُلِّ قلوبنا. فَأولئك الذين لا يَحترمونَ اقاربهُم مثلاً، هُم لا يَخدمونَ الرَّبَّ حقاً، والسببُ الوحيد لفعلِ ما يَقولهُ الرَّبُّ لهُم، هو الخوف من أن يُسمونَ خُداماً سَيئين - وهَذا ما يُهمهُم في الواقع. قدْ يَصومونَ، ويُصلونَ، ويَبكونَ إلى الله، ولكنهُ لنْ يستجيبَ لهُم.
إن القلبَ البَهيج عَلامةً جَيدةً. عندما يَمتلئُ إنسانُنَا الباطن بِالرضَا، فَهذا يَعني أن الرَّبَّ راضيٍ عنْ ما قُمنا بهِ. في الحقيقةِ أننا لنْ نُكملَ عَملنَا أبداً، ولكِنْ، مع الفرحِ الذي يَملأ قُلوبنا يُمكننا أن نَرى إننا على الطريقِ الصَحيح. وفَقط نَحتاجُ لأن نُصلي من أجلِ أن يُظهر لنَا ما هُو بِحاجةٍ لأن يَتغيرَ فِينَا.
محبتي لكم في المسيح
د. سوارز